الدمام: علي دعرم

مطالبات بشراكات بين الأندية المحلية والأوروبية وأن يكون الاتحاد السعودي طرفا في العقود الخارجية

ظهرت خلال الموسمين الأخيرين هجرة لاعبين سعوديين صغار في السن إلى أوروبا مما ساهم في اشتهارهم قبل أن يمثلوا أي ناد محلي سواء كان مغموراً أو صاحب قاعدة جماهيرية. فما هو السر وراء هذه الهجرة؟
يرى رياضيون الهجرة فرصة لرفع سمعة الكرة السعودية وإعادة توهجها، وكذلك لزيادة مهارات اللاعبين وخبراتهم، إضافة إلى الفائدة المالية.
العديد من الضالعين في المجال الرياضي محليا وبعض خبراء كرة القدم العربية أيدوا هذه الخطوة، موضحين عددا من الجوانب السلبية والإيجابية في هذا التجربة التي قد تكون خير طريقة لعودة الكرة السعودية للصدارة الآسيوية والمشاركات العالمية المشرفة.
احتراف عقل وذهن

أكد الأخصائي النفسي الدكتور صلاح السقا، أن احتراف اللاعب في سن صغيرة مهم جدا للعقلية الاحترافية؛ لأنه باختصار يعتبر احتراف عقل وذهن، لذا أؤيد الاحتراف الخارجي للاعبين الصغار لأنه يعزز العقلية الاحترافية التي تحتاج إلى تطبيق وممارسات.
واعتبر السقا الاحتراف فاشلا، إذا كان الهدف منه ماديا بقوله: إن كان الهدف من الاحتراف ونقل اللاعب إلى ناد أوربي لإعادته إلى نادي سعودي بمبلغ أكبر، فإن ذلك يعتبر احترافا فاشلا، لأنه يدعو إلى التحايل، ويعلم هذا الشاب الخداع والكذب من أجل المال، وهو بذلك يخرج عن الاحتراف الحقيقي الذي يطور العقل قبل اللياقة والمهارات.
وعن خروج الشاب السعودي من مجتمع له خصوصية، وله وضع خاص إلى بعض الدول التي تكون منفتحة، تساءل السقا لا أعرف بالضبط ما المقصود بالخصوصية؟. فإذا كان ديننا الحنيف يدعو إلى الانضباطية في التصرفات والأفعال، فإن الاحتراف الخارجي يعزز هذه الانضباطية ويشدد عليها وهي سر نجاح الكرة الأوربية وتطورها خلال العقود الماضية. وختم السقا حديثه مطالبا الجميع بتأييد وحث اللاعبين الصغار على الاحتراف الخارجي وذلك حتى ينشأ لدينا جيل مؤسس تأسيسا صحيحا يستطيع تطبيق ما تعلمه في أوربا في الملاعب السعودية بعد عودته من هناك.
احتراف فوضوي

من جانبه أكد الناقد الرياضي ووكيل اللاعبين أحمد القحطاني، أن احتراف اللاعبين السعوديين في الخارج في الوقت الحالي تعمه الفوضى، وليس هناك فائدة ترجى منه، حيث إن الهدف هو إعادة اللاعبين للأندية السعودية بمبالغ مالية كبيرة، وهو ما يجعل الفائدة الفنية والاحترافية معدومة للاعب السعودي، حيث يسيطر المال على عقلية اللاعب، وليس الهدف التطوير، وأضاف القحطاني، يجب أن يكون الاحتراف رسميا، وأن يكون الاتحاد السعودي ضليعا في المسألة من خلال إيجاد لجنة منبثقة من لجنة الاحتراف يطلق عليها (لجنة التنسيق والمساندة للاحتراف الخارجي)، وتكون موافقتها على احتراف اللاعب شيئا أساسيا بعد موافقة اللاعب وولي أمره وناديه، وأن تتكفل هذه اللجنة بمعرفة كل التفاصيل عن النادي الذي سينتقل إليه اللاعب، وأن تطلع على كافة شروط العقد ويكون له الموافقة النهائية في احتراف اللاعب من عدمها، وأضاف القحطاني، يجب على الاتحاد السعودي أن يستفيد من برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي، أو يدخل معه في شراكة من حيث استقبال اللاعب وتعريفه بالدولة أو المدينة التي ينتقل إليها، وتهيئة الأجواء المناسبة له. وتابع اللاعب أمانة ويجب على الاتحاد السعودي أن يخضعه لدورة تأهيلية إجبارية قبل خروجه إلى الدول الأوربية، وتهيئة نفسية اللاعب للغربة.
وأكد القحطاني، أن الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها رعاية الشباب مع بعض الأكاديميات على مستوى العالم، يجب أن تفعل بالشكل الصحيح، وأن يذهب اللاعب خلال إجازات الصيف للتدرب والتعود على الأجواء الخارجية بطريقة تدريجية، بدلا أن تكون اتفاقياتنا حبرا على ورق، كما أن رعاية الشباب مطالبة بالتعاون مع وزارة الخارجية ممثلة في السفارات من أجل متابعة اللاعبين، وتهيئة الأجواء المناسبة لهم، ودعمهم ماديا ومعنويا حتى يقف اللاعب على قدميه.
شراكات مع الأندية الأجنبية

أما المدرب الوطني محمد الخراشي، فأكد أن الاحتراف الفعلي الذي يسعى من خلاله اللاعب إلى تطوير نفسه من خلال التدرج في الأندية الأوربية حتى يصل إلى قمة مستواه، وأضاف، اللاعب يحتاج من 4 - 5 سنوات لتطوير قدراته العقلية والمهارية من خلال الاحتراف الخارجي، أما غير ذلك فهو مضيعة للوقت، ولهث خلف المردود المادي من خلال تحايل وكلاء اللاعبين وراء المال بغض النظر عن مصلحة اللاعب.
وأضاف الخراشي،اللاعب ووالده ووكيله يتحملون المسؤولية كاملة، فعندما يكون هدفه محددا في تطوير نفسه، فإنه سيجني الثمار، ولكن عندما يلهث خلف وعود غير صادقة، وأهداف مادية فإن ذلك ينهي اللاعب مبكراً، وقد تسبب له صدمة نفسية، ومن ثم تحدث له مشاكل متعددة سواء مع الأندية التي يرغب التعاقد معها، أو مع وكيل أعماله، وهو ما سينهي اللاعب مبكرا.
ودعا الخراشي، في ختام حديثه الأندية السعودية إلى شراكات إستراتيجية مع الأندية الأوربية؛ لتبادل الخبرات وكذلك خوض اللاعبين الشباب تجارب رسمية مع هذه الأندية، على صعيد الفئات السنية وذلك حتى تأخذ الصبغة الرسمية بدلا من التحايل، ووقوع هؤلاء الشباب الصغار في سنهم ضحية للوكلاء والسماسرة.
صقل للموهبة

وقال مساعد مدرب المنتخب السعودي للشباب الوطني سعد الشهري: هذا ما ندعو له، فيجب أن يحترف اللاعب السعودي في الخارج وهو في سن صغيرة؛ لأن الأندية الأوربية لا ترغب في احتراف لاعب كبير في السن، وأضاف، واللاعب السعودي يتمتع بالموهبة وعنده الطموح، ومتى ما وجد من يصقل هذه الموهبة، فإنه سيكون نجما في المستقبل، وتابع والطريق الوحيد لعودة الكرة السعودية هو الاحتراف الخارجي الذي يجعل اللاعب منضبطا تكتيكيا وذهنيا.
وضرب الشهري مثلا بلاعبي منتخب عمان المحترفين في الخارج، الذين انتشلوا الكرة العمانية من القاع إلى قمة الترتيب، بعد أن كانوا إستراحة للمنتخبات الخليجية.
وتابع الشهري، يجب أن تعطي الأندية الفرصة الكاملة للاعب عندما يجد عرضا في الخارج حتى لو كان غير مُجدٍ ماليا، فهو مفيد للاعب من ناحية الاحتراف الذهني وكذلك المهاري، وهو ما سيعود على الرياضة السعودية بالخير والفائدة.
تقديم المال.. خطير

المدرب الوطني صالح المطلق، أكد أن الاحتراف المنضبط لصغار السن هو الفائدة الحقيقية سواء للاعب أو الكرة السعودية بصفة عامة، وأضاف يجب أن يحترف اللاعب في مكان معروف وليس في أماكن أو دوريات أو أندية لا يعلم عنها أحد، أو لم يسبق أن سمعنا بها، وتابع يقول: يجب أن يكون اللاعب طموحه متدرجا، بحيث يبدأ من الأندية الصغيرة حتى يستطيع أن يصل للأندية الكبيرة في أوروبا، وما يشاع هذه الأيام أن اللاعب يخرج من ناديه السعودي بحثا عن العودة بعرض عال لنادٍ منافس أمر خطير، ويجب أن يضبط من قبل لجنة الاحتراف، يجب أن يكون الاحتراف الخارجي فيه فائدة للاعب، بعيدا عن الأمور المالية، ويجب على النادي والوسيط واللاعب نفسه البحث عن الاحتكاك وتطوير اللاعب وانضباطه من كل الجوانب، وأن يكون الهدف المادي هو آخر الاهتمامات، لأن اللاعب أو الوسيط إذا كان هدفه ماديا فسوف يكون نصيب تجربته الفشل.
تجربة متأخرة

ويرى خبراء كرة أفريقيين أن احتراف اللاعب في سن صغيرة هو سبب رئيس في تطور الكرة الأفريقية، ومقارعتها للمنتخبات العالمية، حيث يقول المدرب المصري محمود أبورجيلة الذي خاض عدة تجارب في أندية المملكة إن السعوديين خصوصا والخليج عموما، متأخرين في هذا الأمر كثيرا، والموضوع هذا هو من طور الكرة الأفريقية، وجعل منها منافسا قويا في البطولات العالمية ومنجما للذهب في لعبة كرة القدم، ومضى بالقول: احتراف اللاعب في سن صغيرة يعلمه مبادئ لعبة كرة القدم، الصحيحة وهو ما جعل عددا من دول أوربا أمثال إنجلترا وهولندا وفرنسا تجنس عددا من اللاعبين الذين حققوا لها إنجازات عالمية.
وأضاف المصري أبورجيلة، يجب أن يكون انتقال اللاعب إلى النادي الأوربي عن طريق اتفاقيات يعقدها الاتحاد السعودي مع الأندية الأوربية، على أن يكون ذلك بمعرفة النادي، وبعيدا عن السماسرة الذين لا يهتمون إلا بالمقابل المادي، دون النظر إلى مصلحة اللاعب، وأضاف يجب أن يكون الدوري الذي ينتقل له اللاعب منظما وقويا، ويكون معروفا باهتمام أنديته بالتغذية والتدريب العالي واللياقي؛ حتى يتحقق للاعب الفائدة المرجوة.
وعن المعوقات أشار أبورجيلة، إلى أن الأسرة دائما ما تكون معوقا أساسيا في احتراف المواهب في الخارج، حيث تخاف الأسرة على ابنها وعلى مستقبله وهو ما يجعل مصيره غامضا، وقد يكون سببا في ضياع موهبته.
نقل الفكر الأوربي للمملكة

أما المحاضر في الاتحاد الأفريقي المدرب المغربي الخبير عبدالرحمن سليماني، فقد خالف الجميع بأن التجربة قد يكتب لها الفشل؛ لأن من الصعوبة أن ينتقل اللاعب من المملكة للعيش في أوربا في هذا السن الصغيرة، وأضاف لاعبون كبار لم يتأقلموا في بلدان أوروبية، فما بالنا باللاعب صغير السن، الذي تعود على بيئة محافظة ونمط حياة مختلف، وعن الحلول من وجهة نظره، أكد أن هناك حلين الأول: أن يخرج اللاعب للاحتراف بالتدرج، بحيث ينتقل لأندية عربية في مصر أو تونس أو المغرب على سبيل المثال كخطوة أولى، ثم يتجه إلى أوروبا والحل الآخر من خلال أكاديميات محلية يشرف عليها الاتحاد السعودي، وأن تكون دقيقة في عملها وأن يطبق الاحتراف الأوروبي بشكل دقيق، ونظام صارم.