حين يُسيء معلم لطالب بإحدى المراحل الدراسية العامة، إساءة بدنية أو نفسية غير تربوية، خاصة حين تُوجه لطفل صغير من صفوف المرحلة الابتدائية، الذين هم في طور التأسيس والبناء والتفتح للحياة، فهو حينها لا يفعل ذلك إلا لأن فسادا تعليميا إداريا موجود في القطاع الذي ينتمي إليه، أتاح له فعل ذلك دون رقيب ودون حسيب!.
هناك مقطع مؤسف تناقلته مواقع إلكترونية، صورة معلم ابتدائي بكل جرأة ودون أخلاق أو ضمير، لطفل صغير يردد خلفه آيات من القرآن الكريم يشي بأنه معلم حصة القرآن، ويثبت بفعله أن الفساد التربوي لدينا وصل إلى مرحلة خطيرة، فهو يصور المقطع ليتباهى برجولته أمام طفل صغير، فلم يحترم القرآن الكريم الذي كان يُدرسه لهذا الطفل، وسخر منه؛ لأنه يخطئ في القراءة، وجعل بقية الأطفال في الفصل يضحكون سخرية منه، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد! بل من المؤسف أن هذا الذي ينتمي إلى هذه المهنة الشريفة، يسخر من خلقة الله تعالى للطفل، في نبرة عنصرية تجاه شكله، قائلا له: جعل أسد يتعرش وجهك إن شاء الله.. جعله أسد يتوحد بك في الغابة.. يقلع ذا الوجه وذي المناخر.. الله يمسد وجهك..!. هل تتخيلون شدة ألم ووقع هذه العبارات على طفل صغير، يبدو أنه بالصف الأول الابتدائي يقولها له معلم القرآن الكريم!!.
هل بتنا نعرف الآن لماذا الكثير من خريجي التعليم العام لا علاقة لهم بمواد الدين إلا ما يدونونه في الاختبارات؛ نتيجة هذه الصفاقة التي يمارسها بعض المعلمين، ممن لم يحترموا أمانة هذه المهنة، وهم يهدمون القدوة الحسنة!. وبدلا من تعليم الأطفال الأخلاق وحصانة اللسان، يعلمونهم الشتائم والسخرية والعنصرية!. هل عرفنا لماذا الآن نقرأ تلك الشتائم وتلك الصفاقة من بعض الأسماء في مواقع التواصل الاجتماعي بلغة عنصرية وطائفية!. وما خفي كان أعظم وأدهى.
وزارة التربية والتعليم مسؤولة مسؤولية كاملة عن هذا المقطع المؤسف؛ لأنها حتى الآن لا تقدر أهمية صفوف المرحلة الابتدائية، ففي حين دول العالم تُعيّن معلمين بشهادات عليا متخصصة علميا في هذه المرحلة، وبعد العديد من المقابلات الشخصية التي تثبت أنهم يصلحون للتعليم في مرحلة التأسيس الأخلاقي والتعليمي؛ فإن الوزارة لدينا تضع معلم كشكول في المرحلة الابتدائية، فمعلم الرياضيات يعلم الدين، ومعلم التربية الفنية يدرس العلوم.. وذات الشيء يصدق على المعلمات، دون اهتمام بالتخصص العلمي استخفافا بهذه المرحلة.. والآن نزيد عليها الاستخفاف الأخلاقي من بعض من يشوهون المهنة العظيمة كهذا المعلم!.
أخيرا، هذا المعلم يجب أن يعاقب عقابا شديدا، وتأديبه بفصله أو نقله إلى عمل إداري، فهناك من الخريجين من يستحقون مكانه، والشارع يرحب به وبأمثاله!.