في كل مرة أهمّ بجر الحرف أصطدم بسؤالٍ كبير، استفهام يصنع مني مرتبكا مترددا، متوجسًا من هذا الجرم، يتثمل في عبارة (ما الذي تود أن تقوله ولا يعرفه الآخرون؟)، فالكتابة لهم تعني - بمفهومي- أن لديك شيئًا آخرا لا يعرفه كل من هو خارج منظومة هذه الأسطر، وأعني ما يجب أن يكون، وليس كما هو كائن متداول، وكل هذا يتمثل في الفكرة، وزاوية التعاطي، أما الإسهاب فليس صعبا على المثرثرين، وأما المفردة فلا أسهل من أن تفخخ الأسطر بـ(الفرصاد) و(المح).. أو حتى (الفريستخاوي)!
المصيبة الجميلة أنك -ككاتب- محاط بالكثير من القراء الأذكياء، الذين لا يرضون بأقل من التميز، ولا يبتاعون سوى التفرد سلعا، ولا تغريهم سوى أسواق الصدق، وباعة الإخلاص، ولا يقبلون من الكلمات إلا ما يلامس الحقائق، ويعزف على أوتار الاحتياج.
أصدقكم قولا.. أنا متشائم رغم التفاؤل الذي يسكنني، وغاضب بالتوزاي مع كل الرضا المستوطن بي، وأشعر بحيرة كبيرة مع كل الأشياء الصغيرة التي تكفلت بصنع الخيبات الكبيرة، وأود قتل كل المنغصات المستعمرة لعوالمنا، وأرغب أن أكتب لكم عن شيء لا يسكنه كل الكذب المحيط، ولا تزخرفه المجملات الوقتية، ولا ينتمي للحسابات الشخصية.. ولا غيرها، وأجيء صادقًا قويًا، مستقلا بالحرف (أولا).. ومستقلا عربة الاستثناء (تاسعا)، متوجها بها إلى قصور الأمان.
ومن حروف 2010 أستعير نصحًا لأختم به حروفي المربكة، لذا: حاول أن تفتش في الأشياءِ التي تحيط بك، وابحث عن حقيقتها (الحقيقية)؛ وليست حقيقتها المعتقدة! حاول أن تزيل الشعرَ المستعار الذي (ترتديه) إحدى الجميلات في حفلة رأس السنة، لتكتشف حقيقة شعرها المجعد! وإن كنت محظوظاً في وجودها، فحاول أيضاً أن تزيل تأثيرات الألوان من وجهها، لتتعرف وقتها على الوجه الحقيقي لها، ولكن عليك أن تتحمل النتائج أجمع، دون أدنى مسؤولية مني أو عليَّ!! وحتى لا تنتظر حلول هذه الليلة الصاخبة، أو تضطر للحضور بتكلف؛ فابحث عن أي زجاج قريب قد استعمرته ذرات الغبار منذ أمد، وبإبهامك الكبير جرب أن تصنع خطاً حقيقياً حراً لتقرأ تفاصيل الحقيقة المغيبة.. والسلام.