خلال الأيام الفائتة تعرض أكثر من كاتب صحفي سعودي إلى هجوم شديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال المواقع الإلكترونية للصحف التي يكتبون بها جراء ثنائهم على الدولة، رغم أن المقالات التي كتبها الزملاء وتضمنت مدحا للدولة تضمنت نقدا شديدا وطرحا تناول مطالب جريئة في جانب من نفس تلك المقالات، لكن البعض لم يقبلوا بذلك الثناء ولهذا هاجموا الكتاب وسخروا منهم وقالوا ما قالوا فيهم.
أنا هنا لن أدافع عن الزملاء، فهم أقدر وأولى مني بذلك، لكنني تذكرت أنه قبل شهرين دخلت في نقاش مع صديق، ويوم أن احتدم النقاش بيننا حول سلوك بعض الأشخاص من المشاهير في مجتمعنا قال لي بالحرف الواحد: إذا فيك خير انتقد الدولة من خلال ما تكتب بدلا من أن تنتقد هؤلاء!
وحيث إنني لم أكن أود الدخول معه في جدال، بل كان بودي أن أتحاور معه، ثم لأنني لم أكن أود أن أضايقه لمكانته الكبيرة في نفسي، آثرت السكوت والانسحاب, وقلت فيما بعد لشخص قريب مني ومنه ليتك تشير عليه أن يطلع على مقالاتي التي أكتبها في الوطن ليرى حجم النقد المباشر الذي ينال الدولة والكثير ممن يمثلونها ويعملون باسمها.
ما وددت الحديث عنه هنا هو أن الدولة تتعرض للنقد، حتى وإن كان هذا النقد ليس مطلقا ويختلف في قوته وجرأته من صحيفة إلى صحيفة أخرى، وبحسب طريقة الطرح فما يمكن قبوله هنا قد لا يقبل هناك، كما أن قدرات الكتاب على التناول للمواضيع تختلف، وهامش الحرية المتاح يتغير ويختلف أيضا من زمن إلى زمن آخر.
وهناك من المدح ما هو مواز للنقد، إن لم يكن أقسى منه، يوم أن تمتدح فلانا أو الجهة الفلانية بكيفية تكشف بشكل صارخ وواضح أنك تنتقد المماثل، سواء كان المماثل شخصا أم جهة، ومثل هذا الطرح لا يخفى على القراء ولا يحتاج إلى ذكاء لمعرفة المقصود منه.
لكن في المقابل هناك من يمدح بكيفية غير مقبولة وغير موضوعية إلى درجة أن (الدولة) أو الشخص الممدوح لا يقبل بذلك المدح، كونه كتب بشكل أساء للممدوح أكثر مما نفعه، أو لكون المكان أو الزمان ليسا مناسبين للمدح, أو لكون الكاتب لم يلتفت لمعطيات أخرى قد تشوش على ما كتب، ومن ثم يتحول الفهم إلى غير ما قصد.
بقي أن أقول: إن البشر في العالم أجمع، وبحسب الدراسات والبحوث والاستطلاعات، يميلون إلى الكتابة الساخرة والناقدة أكثر من غيرها.