الرياض: أحمد الحذيفي

تميزت الخطابات الملكية للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، بتنوعها وشموليتها في عدد من المجالات، فيما يلحظ المتتبع لخطابات الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ سعة اطلاعه وإدراكه بما يحاك بالأمة.
وجاء في خطاباته، رحمه الله، التي وردت في كتاب مختارات من الخطب الملكية من إصدار دارة الملك عبدالعزيز وحملت عنوان هذه هي عقيدتنا: يسموننا الوهابيين ويسمون مذهبنا الوهابي باعتبار أنه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض.. نحن لسنا أصحاب مذهب جديد ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح، ونحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، كلهم محترمون في نظرنا.
وبيّن أن هذه العقيدة هي التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب يدعو إليها، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله عز وجل، خالصة من كل شائبة منزهة من كل بدعة، فعقيدة التوحيد هذه هي التي ندعو إليها وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب، أما التجديد الذي يحاول البعض إغراء الناس به بدعوى أنه ينجينا من آلامنا فهو لا يوصل إلى غاية ولا يدنينا من السعادة الأخروية.
وأضاف في خطابه رحمه الله إن المسلمين في خير ما داموا على كتاب الله وسنة رسوله، وما هم ببالغين سعادة الدارين إلا بكلمة التوحيد الخالصة، ونحن لا نبغي التجديد الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا، إننا نبغي مرضاة الله عز وجل، ومن عمل ابتغاء مرضاة الله فهو حسبه وهو ناصره، فالمسلمون لا يعوزهم التجدد وإنما تعوزهم العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح، ولقد ابتعدوا عن العمل بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، لما أصابهم ما أصابهم من محن وآثام ولما أضاعوا عزهم وفخارهم.
وقال الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لقد كنت لا شيء وأصبحت اليوم، وسيطرت على بلاد شاسعة يحدها شمالا العراق وبر الشام وجنوبا اليمن وغربا البحر الأحمر وشرقا الخليج، لقد فتحت هذه البلاد ولم يكن عندي من العتاد سوى قوة الإيمان وقوة التوحيد، ومن التجدد غير التمسك بكتاب الله وسنة رسوله فنصرني الله نصرا عزيزا.
وأضاف لقد خرجت وأنا لا أملك شيئا من حطام الدنيا ومن القوة البشرية وقد تألب الأعداء علي، ولكن بفضل الله وقوته تغلبت على أعدائي وفتحت كل هذه البلاد، مشيرا إلى أن المسلمين متفرقون اليوم طرائق بسبب إهمالهم العمل بكتاب الله وسنة رسوله ومن خطأ الرأي الذهاب إلى أن الأجانب هم سبب هذه التفرقة وهذه المصائب.
وقال إن سبب بلايانا من أنفسنا لا من الأجانب، يأتي أجنبي إلى بلد ما فيه مئات الألوف، بل الملايين من المسلمين فيعمل بمفرده، فهل يعقل أن فردا في مقدوره أن يؤثر على ملايين من الناس إذا لم يكن من هذه الملايين أعوان يساعدونه ويمدونه بآرائهم وأعمالهم؟ كلا ثم كلا، فهؤلاء الأعوان هم سبب بليتنا ومصيبتنا، أجل إن هؤلاء الأعوان هم أعداء الله وأعداء أنفسهم.
وقال إن اللوم واقع على المسلمين وحدهم لا على الأجانب، إن البناء المتين لا يؤثر فيه شيء مهما حاول الهدامون هدمه، إذا لم تحدث فيه ثغرة تدخل فيه المعاول، وكذلك المسلمون لو كانوا متحدين متفقين لما كان في مقدور أحد خرق صفوفهم وتمزيق كلمتهم، مبينا أن في بلاد العرب والإسلام أناسا يساعدون الأجنبي على الإضرار بجزيرة العرب والإسلام وضربها في الصميم وإلحاق الأذى بنا، ولكن لن يتم لهم ذلك - إن شاء الله - وفينا عرق ينبض.
وتابع أجل إن المسلمين هم مصدر البلاء الذي أصابهم وأكثر ذلك يتأتى عن طريق أولئك الذين ينظرون إلى مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية فيدوسون في سبيلها كل شيء يعترضهم في الطريق، وإن هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة وينامون على الوثير من الفراش لا يفكرون إلا في أنفسهم ولم يحسبوا لله حسابا.