الإجازات مهما كانت قصيرة ترتبط بالسفر.. الانتقال إلى مكان آخر، الناس تبحث عن أي فرصة للانطلاق.. تترك منزلك النظيف وفراشك النظيف وأكلك النظيف، وتقطع المسافات الطويلة وتبذل المال لبدائل أقل جودة ومأمونية.. المهم هو السفر وما بعد ذلك لا يهم.
يضطر الكثيرون، في بلادنا تحديدا، لاستخدام الطرق.. إما لعدم توفر الناقل أو لارتفاع سعره، من هنا يكتشف الناس جودة الطرق من عدمها.. ثم يبدؤون بالحديث عنها..
قبل أربع سنوات خرجت مع ابني حسام من الدمام بواسطة السيارة حتى وصلنا رفحاء.. قطعنا 750 كيلو مترا.. كان الطريق سيئا للغاية.. التفت لي ابني قائلا: متى يصير طريق الشمال مثل طريق الرياض القصيم؟ قلت له: إذا حجت البقر على قرونها يا ولدي!
كتب سؤالا عن الطريق وطلب مني نشره.. اتصلت بالصديق الكريم محمد التونسي رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية - وقد كان رئيس تحرير عكاظ حينها، واستأذنته في نشر السؤال في زاوية سؤال لا يهدأ - وبالفعل تم نشر السؤال.. وبعدها بفترة بسيطة جاء رد معالي وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري على السؤال، وقال إن هذا الطريق سيصبح من الطرق الآمنة، والحديثة، وإن هناك مبالغ ضخمة تم اعتمادها لاستكمال الطريق، وإن مشاريع الطريق تمت ترسيتها وجارٍ العمل فيها، وإن مشاكل هذا الطريق ستنتهي تماما، بنهاية عام 1433.. لم يسعدني الرد بصراحة.. الرجل يتحدث عن أربع سنوات.. وهي مدة طويلة في عمر الشعوب.. هذا يعني مزيدا من الحوادث والدماء والقتلى والفواجع.. لم يكن أمامنا سوى الصبر: عطني فـ هواك الصبر لا صرت قاسي.. مضت السنة الأولى، ومضت السنة الثانية.. ومضت السنتان الثالثة والرابعة.. واليوم أسير برفقة ابني، مرة أخرى، على نفس الطريق، وما يزال هو ذات الطريق.. أسوأ وأخطر طريق يسلكه البشر في العالم.. وما يزال السؤال لا يهدأ: ما هو عذر وزير النقل؟!