ومن حسن إدارة الوقت أن أتوقف اليوم عن الاستمرار في كتابة العنوان السلسلة، ذاك لأن لدي شرائح أخرى من القراء باهتمامات مختلفة. بقي لدي من ملفات الاختراق ملف الإعلام الصاعد وجمعيات المال الخيري بالبراهين المذهلة حيث الفقير الخليجي مجرد حيلة لجمع المال السياسي، مع الوعد بفتح هذه الملفات في مرة قادمة.
أشكر من الأعماق كل هذا التفاعل المثير مع هذه السلسلة بما يقرب الألف تعليق حتى اللحظة، مما يجعلها الأعلى بلا منازع في سوق الصحافة الأسبوعي. أشكر كل الذين اختلفوا معي مهما كانت حدة الاختلاف، وعلى رأس هؤلاء من أشعل (تغريداته) التويترية للقب (المثقف الأجير) ليجعله وسما (هاشتاقيا) لأنه أعطاني الفرصة أن أتحسس (بطني) لأقارنه (بكروش) الآخرين ومكاسب بعضنا البعض المذهلة. بقي من ذيل العنوان بعاليه: لماذا كتبت؟ كتبت أولا لأن حركة الإخوان المسلمين ارتضت بقرارها المستقل أن تتحول إلى فصيل سياسي، تماما مثلما نكتب عن حزب (حفلة الشاي) الأميركي، أو طالبان الأفغاني. لكن معضلة حركات الإسلام السياسي، وهي بالعشرات، أنها تنظر لنفسها أن الحديث عنها ومجادلتها هو حديث وجدال مع الدين، لا مع لعبة سياسية بقواعد الديمقراطية. وخذ بالمثال عندما كتب محمد الغزالي عن (الفقه البدوي) هل هذا يعني أنه ضد الدين أم أنه يحاور فصيلا؟ وعندما رد عليه سلمان العودة في كتابه (حوار هادئ مع محمد الغزالي) فهل هو ضد الدين أم يحاور الفصيل المقابل؟ عندما تتنافس سلفية مصر وإخوانها بشراسة على لعبة الكراسي الديمقراطية، هل هم ضد (دين) بعضهم البعض، أم أنه يجوز لمعركتهم ما لا يجوز لمعارك بعضنا مع بعض هذه الأحزاب والفصائل؟
كتبت ثانيا لأننا أمام حركة عابرة للحدود، ومن حق الجمهور أن يقف على الصورة المكتملة كي يعرف القارئ أن اللعبة السياسية فوق الأخلاقيات والمبادئ بالشواهد التالية:
كيف يكون الرمز الإخواني، رئيس رابطة علماء المسلمين الشريك الاستشاري في العاصمة الخليجية، مع النقيض، عزمي بشارة، عضو (الكنيست) السابق الذي أقسم على الولاء للدولة الإسرائيلية كما يقضي البروتوكول، ومع هذا فالقرضاوي وعزمي هما البشارتان المتحالفتان لتبييض هذه الحركة. وخذ بالمثال الآخر أن شيخنا الضخم الذي ملأ الدنيا عن إيران وعن مصطلح (الرافضة) كان يلقي خطبة الجمعة الأخيرة من أشهر منابر مصر، تمجيدا في فصيلها السياسي الحاكم بلغة لا تشبه إلا الرعد الهادر، بينما رئيس الدولة يستقبل بعد ساعتين من انتهاء الصلاة رئيس المخابرات الإيراني وزعيم فيلق (القدس)، وكل هذا بعد أسبوع من دعوة العريان اليهود للعيش في مصر: حتى أسوأ نماذج العلمانية لا تفصل هكذا بين الدين والسياسة.