تستعد فئة من المعلمين تدرِّس في قرى مجاورة لمسقط رأسها في المدينة المنورة التي تقطنها للانطلاق صباح غد لتسجيل عدد جديد من المسافات والساعات التي يتجاوزونها خلال عملهم في مدارس شرق المدينة؛ حيث يقطع هؤلاء المعلمون في اليوم الدراسي من المدينة المنورة للوصول إلى مدارسهم في قرى الحسو شرق المدينة 440 كيلوا متر ذهابا وعودة في نحو ثلاث ساعات وعشرين دقيقة.
ويتكرر هذا الرقم يوميا بحيث يكون قطع المعلمين في الأسبوع الواحد 2200 كيلو متر في 17 ساعة، وخلال الفصل الدراسي الأول والذي يستغرق 18 أسبوعا يكون المعلمون قد حققوا رقما قياسيا في قطع هذه المسافات بحيث يكون خلال الفصل الدراسي الواحد من السنة الدراسية39600 كلم في 306 ساعات ومثله في الفصل الدراسي الثاني ويبقى بعض هؤلاء المعلمين على هذه الحال لنحو خمس سنوات وأكثر إن لم تقل المسافة بالنقل إلى قرية أقرب إلى مدينتهم.
وفي حديث المعلمين لـالوطن عن قطع مثل هذه المسافات، لا يتفاخرون بمثل هذه المسافات والأوقات التي تحسب على صحتهم وراحة بالهم طيلة عملهم في السنة، قدر ما هو القدر الذي وضعهم في تلك المدارس التي تبعد عن مدينتهم. ويقول المعلم أحمد الحربي: ينطلق هؤلاء المعلمون متوكلين على الله منذ تباشير الفجر وأحيانا قبلها من أجل الحضور في الوقت المحدد أثناء الاصطفاف الصباحي، ويتجمع هؤلاء عادة في مكان معين للانطلاق بسيارة واحدة معا توفيرا للنفقات وإراحة لسياراتهم من عناء مشوار طويل، وترافقهم في تلك الرحلة القهوة والشاي، إضافة إلى الأحاديث الجانبية، ونظرا لعدم توفر سبل العيش بالقرى التي توجد فيها مدارسنا نضطر إلى قطع هذه المسافات من المدارس لمنازلنا ونستغرق يوميا نصف النهار للذهاب للعمل والعودة منه.
فيما يقول المعلم بندر السهلي وهو معلم في إحدى قرى المدينة، إن مقر الانطلاق بالنسبة له ولزملائه يكون عند أحد المراكز الأمنية على الطريق الرابط بين المدينة والقرية، حماية لمركباتهم بحيث تكون إلى جانب المركز الأمني، وتكون القيادة بشكل يومي على أحد المعلمين, بينما آخر يحضر وجبة الإفطار بعد إعدادها، وثالث يكون مسؤولا عن القهوة والشاي، ويكون هناك تبادل للأدوار من أجل التغيير وكسر الروتين ولا نقبل المخاطرة من أحد بالانطلاق بمركبة يشك صاحبها أنها تحتاج إلى إصلاح أو إطاراتها غير سليمة وحتى من يكون أتى المقر وهو في سهر لا نفرض عليه قيادة المركبة ونحيلها لآخر شريطة أن يحل مكان الآخر في اليوم التالي، وبين السهلي أن المعلمين المرافقين له في الرحلة عادة ما يدرسون في القرية نفسها، وغالبا ما يكون الزملاء في المدرسة نفسها حرصا على كسب الوقت، من أجل الوصول والعودة في وقت محدد.
فيما يشير المعلم عبدالرحمن السحيمي إلى أن المجموعات التي تتفق على الدوام في مجموعة غالبا يكون عددها ما بين 3 إلى 5 وأن تكون المركبة حديثة لمن استطاع وقليلة العطل بحيث لا نقف بعد كل مسافة أو نواجه حوادث مرورية لا سمح الله بسبب تهور صاحب المركبة وعدم اهتمامه بها، فنحن نقطع مسافات لأكثر من 200 كلم في الذهاب فقط.
من جهته، أكد المتحدث الرسمي لمرور منطقة المدينة المنورة العقيد عمر النزاوي لـ الوطن أن تطبيق السلامة المرورية في المركبات التي تقطع مسافات طويلة يقلل من الحوادث بإذن الله ويجب أن يكون السائق على دراية بجودة إطارات المركبة فهناك أنواع تتلف بسبب المسافات الطويلة ويمكن مراعاة ذلك بالفحص المستمر على المركبة وعدم تجاوز السرعة في الطرق السريعة.