تواصلت أفراح عيد الفطر المبارك لليوم الثاني على التوالي، في المدينة الساحلية بجدة. ولعبت الأفراح الشعبية دوراً حيوياً في استقطاب جمهور المجتمع المحلي نحوها، فالشوارع التي بدت شبه خالية في ساعات الصباح حتى فترة ما بعد ظهيرة أمس بسبب ارتفاع درجات الحرارة تحولت مساء إلى حركة هائلة طابعها خروج أفواج العوائل من منازلهم لقضاء أوقات عيد الفطر بين المعايدات العائلية وحضور الاحتفالات الشعبية.
كورنيش جدة كان له النصيب الأكبر في حركة العائلات خلال اليومين الماضيين وخاصة في الفترة المسائية، حيث وجدت دوريات الأمن بشكل كثيف ليلا لتنظيم حركة الدخول والخروج من منطقة الكورنيش التي ما زال بعضها مغلقا حتى الآن لمشروعات التطوير.
الفلكور الشعبي الحجازي كان حاضراً بحيويته الرمزية، كما يشير إلى ذلك مدير بلدية المنطقة التاريخية المهندس سامي نوار في تصريحه إلى الوطن، قائلاً قدمنا الفلكور الشعبي المعروف في تراث أهل جدة من الأغاني التراثية، والمجسات على الطريقة الحجازية القديمة، إلى جانب رقصة لعبة المزمار التي تستخدم فيها العصي والدوران حول النار التي تعد ركيزة أساسية فيها، وهي من أشهر الرقصات على الطريقة القديمة. وأكد أن الهدف هو إحياء تراث هذه المدينة الذي لا ينضب.
أحمد المعيطي وهو من السكان المجاورين لهذه المنطقة والقادم من حي الكندرة يداوم على حضور هذه الفعاليات بشكل مستمر، حيث شارك أكثر من مرة في لعبة المزمار، وحينما تسأله عن حضوره هذه الفعاليات يجيبك بشكل سريع إن الفلكور الشعبي يحضر بقوة في وجدان أهل البلد، وتمثل الرقصات الشعبية التقليدية جزءا من تاريخ طويل يمتد لعقود طويلة، ولا يحلو العيد دون أن يكون هو جزءا منه.
رقصة المزمار هنا لها نكهتها الخاصة من حيث أنها تتم ما بين المواقع الأثرية، وكأنها تحاكي المنطقة التي يتم فيها الاحتفاء الكرنفالي الشعبي بين محيط المباني الأثرية والمشربيات الخشبية التي تزين بيوت جدة القديمة، لتعلو صيحات المعيطي مع الرقصة الشعبية، وهو يتلوى بالعصى التي معه المكان هنا غير، والمزمار هنا غير.
الأحياء الشعبية في الجزء الجنوبي من جدة تقوم هي الأخرى بجهودها الذاتية في التعبير عن مشاعر الفرح بالعيد، عبر تنظيم مثل هذه الرقصات الشعبية، مع الأهازيج الشعبية التي تمثل جزءا مهما من تاريخ الفلكور الشعبي في مدينة الثلاثة آلاف سنة. ولم يكن الأمر فقط محصورا على الجداويين، فأمانة محافظة جدة نظمت فعاليات للجاليات المقيمة بجدة مع فرق شعبية خاصة تمثل تلك البلدان، وكان عيد فطر هذا العام لفرق الجاليتين اليمنية والباكستانية.