تنعقد اليوم في العاصمة البحرينية المنامة، القمة الخليجية الثالثة والثلاثون، في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تغيرات كبيرة
تنعقد اليوم في العاصمة البحرينية المنامة، القمة الخليجية الثالثة والثلاثون، في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تغيرات كبيرة، وتواجه تحديات عظاما، فالأخطار الأمنية التي تواجه الخليج بسبب الطموحات الإيرانية النووية، لا تزال تطل برأسها على مقربة من شواطئ الدول الخليجية، والأوضاع الأمنية المنفلتة التي أفرزتها ثورات الربيع العربي في كثير من الدول العربية غير مطمئنة، بما فيها الأوضاع في اليمن وسورية والعراق. وفي الجانب الاقتصادي وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على مجلس التعاون الخليجي، إلا أن دول المجلس ما تزال بحاجة إلى منظومة إقليمية قوية ومتكاملة، قادرة على التصدي للمهددات والمحافظة على المكتسبات، فمشروع العملة الخليجية الموحدة، الذي كان من المفترض إقراره في 2010، يواجه مشكلات ومعضلات جعلت ولادته متعثرة، وكثير من الملفات والقرارات التي تمت إجازتها في القمم الخليجية السابقة لم تر النور بالشكل الذي يجعل المواطن الخليجي يشعر بها.
ومنذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودعوته قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد وحتى اليوم، والمشروع يسير ببطء، وفي قاعات الاجتماعات المغلقة، على الرغم من أن المبادرة حركت حلم الكثيرين من أبناء الخليج، الذين يؤمنون بأن الاتحاد هو الخيار الأفضل، وعبر الكثيرون بأن في الاتحاد استشرافا للمستقبل ومواجهة للصعوبات والتحديات، وحلا للكثير من المشاكل والتحديات والأخطار التي تواجهها منطقة الخليج العربي أمنية كانت أو اجتماعية أو سياسية.
أعتقد بأن هذه القمة مطلوب منها الكثير، فما يجري من أحداث بين الفينة والأخرى في عدد من الدول الخليجية، يهم في المقام الأول أمن الخليج واستقراره ومستقبله بالكامل، والملفات الكثيرة المعلقة تحتاج إلى إجابات مقنعة تحقق أهداف المجلس وتطمئن مواطنيه، بأن مجلس التعاون قادر على مجابهة الأخطار التي تحدق بالمنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار لشعوبه، والشروع في تنمية شاملة وجذرية يستحقها أبناء الخليج، عبر مواجهة المشاكل الحقيقية، من بطالة، وفقر، وما يستدعيه ذلك من الضخ المادي بسخاء. وغير ذلك من البرامج التنموية التي تستدعي إيجاد علاقة صحية وسليمة بين المال الوفير والخلل الديموجرافي الكبير، جراء تفوق عدد العمال الوافدين على المواطنين في نصف هذه الدول، ودعم وتأهيل أطر وقنوات العمل الخليجي المشترك، حتى يتحول مجلس التعاون إلى اتحاد وتكتل إقليمي قوي وفاعل، قادر على التعاطي بإيجابية وسرعة مع التحولات التي تشهدها المنطقة، سياسية كانت أو أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية.