التفجير الانتحاري الذي استهدف قناة العربية، في العاصمة العراقية بغداد، يأتي ضمن مسلسل متواصل في مناطق متفرقة من العالم، خصوصا في النقاط الساخنة، حيث الرصاصة مقابل الكلمة، والمدفع يهشم الصورة، وهو الأمر الذي تفاقم في الآونة الأخيرة، حيث التنكيل بالصحفيين، والتضييق على الحريات الإعلامية، في دول عدة من العالم.
الأمر لا يتعلق فقط بالمادة السياسية التي تقدمها العربية، أو الجهات التي تنتقدها في برامجها الحوارية، وخصوصا تنظيم القاعدة، وإنما هو سلوك عنفي لن يقف عند حدود العربية وحسب، بل امتد، وسيمتد لكافة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة. خصوصا أن العراق بات ساحة مفتوحة للتصفيات، والتصفيات المضادة.
بالتوقف عند الحال العراقية، نجد أن هنالك الكثير من الإعلام الحزبي، والقليل من الإعلام المهني المستقل. ولعل قناتي العربية، والحرة عراق، ويضاف إليهما بالتأكيد الجزيرة من أكثر القنوات الخارجية مشاهدة من قبل العراقيين، كلٌ والبرامج التي يبتغيها، أو ونوعية الخطاب الذي يراه أقرب إليه. والتركيز على هذه القنوات الثلاث يأتي لكونها أكثر مهنية، وأقل تسييسا ـ إلى درجة ما ـ من باقي القنوات العراقية المحلية، التي في مغلبها تتبع أحزابا سياسية بعينها، وتعمل واجهات لها!.
فضائية العربية، وفي الموضوع العراقي، كانت طوال سنواتها مـع العمليــة السياسيـة السلميـة
ـ باختلاف الحكومات المتعاقبة ـ وضد العنف، وتكشف النقاب بشكل متواصل عن عمليات القاعدة، ما عرضها للهجوم لأكثر من مرة. وهي رغم اتهام البعض لها بـالأمركة، إلا أن عدد من الزملاء بها سقط بنيران أمريكية، وهي بذلك تدفع الثمن على أكثر من جبهة.
لا شك أن الإعلام بات مقلقا للتنظيمات المسلحة، وبات يشكل خطرا بنظرها، لأنه بإمكانه أن يفضح كثيرا من ممارساتها العنفية، إلا أن هذه الإعلام وبالرغم من وقوفه أمام رشق الرصاص، إلا أنه يتوجب عليه أن يعمل على أن لا تذهب دماء شهدائه هدرا، بل أن يواصل طريقه بمهنية تامة، وحيادية ممكنة، لأن أكبر وفاء لهؤلاء الأبرياء، أن ننقل الحقيقة كما هي، لا كما نريدها، أو كما يشتهيها الآخرون.