الرياض: نايف العصيمي

عضو هيئة كبار العلماء يعده مخالفة تضر بالمصلحة العامة

في الوقت الذي أفتى فيه عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس المبارك، بعدم جواز بيع قروض صندوق التنمية العقارية بعد الحصول عليها، لإضراره بالمصلحة العامة، دعا خبراء اقتصاديون إلى سن تشريعات للحد من هذه الممارسات وتبني حملات توعوية إعلامية لتنوير المجتمع.
وتأتي هذه التحذيرات على خلفية ما تضمنه تقرير صندوق التنمية العقارية الذي نشرته الوطن في وقت سابق، وأظهر أن نسبة زيادة عدد القروض المنقولة المبايعات بلغت 9% عن العام السابق في مختلف مناطق المملكة، في حين بلغت قيمتها ما يقارب من 1.4 مليار ريال، حيث، وافق صندوق التنمية العقارية على نقل رصيد 5133 قرضا لمواطنين انتظروا سنوات طويلة لمقترضين آخرين يحلون محلهم ويلتزمون بسداد المتبقي من رصيد القرض.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس المبارك، أن صورة التنازل عن قرض صندوق التنمية العقارية بمبلغ مالي غير جائز، مبينا أن بائع القرض لا يملكه وإنما يملك أن يحصل عليه لينتفع به، والإذن له الحصول على القرض لا يخوله التصرف في القرض تصرف المالك، بل يبيح له أخذ القرضِ إن شاء أو تَركه، فبيعه لما لا يملك لا يجوز، وإذا باع فإن بيعه لا يصح ولا ينعقد.
وأضاف المبارك أن هذه الصورة تخالف النظام مخالفة تضر بالمصلحة العامة، وفيها فتح أبواب من المنازعات والخصومات بين الطرفين، والشرع الشريف جعل لكل عقد من العقود شروطا وضوابط، غايتها تسهيل نقل الممتلكات على وجه يمنع وجود أسباب التنازع، من الجهالة والغبن والغرر.
من جهته يرى نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة الرياض الدكتور عبدالوهاب أبو داهش، أن صندوق التنمية العقارية يجب أن يدشن حملة إعلامية لتنوير المجتمع وتفعيل دور التآخي والإيثار في حال عدم حاجة من تم إصدار قرضه للقرض بأن يتنازل عنه لمن يستحق بدون مقابل، وبذلك تفريج للكربات وتعاون المجتمع مع بعضه البعض للقضاء على أزمة السكن.
وزاد أبو داهش أنه في حال انتهى من صدر قرضه من بناء بيت العمر بقروض أو دين، ففي هذه الحالة يقدم الصندوق له ما يكفي لقضاء دينه إن كان أقل من قيمة القرض، مبينا أن بيع القرض من جهة شرعية قد يكون فيه إشكال كبير.
أما الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، فقال إن بيع القروض العقارية ليس بالأمر الجديد، مضيفا أنه في الغالب يتم وفق آليتين؛ الأولى بيع القرض نفسه وقبل استلامه؛ بحيث يقوم المشتري باستلام الدفعات وتحمل البناء، والثاني بيع المنزل الذي تم بناؤه بموجب قرض صندوق التنمية العقارية، وهو مرهون للصندوق.
وأضاف البوعينين أنه وفي كلتا الحالتين يكون البائع محتاجا للمال، أو أنه لا يستطيع توفير الأرض التي يمكن أن يرهنها للصندوق ومن ثم الحصول على الـقرض، مبـينا أنه وبذلك تـكون الحاجة الملـحة، أو عدم القدرة على شراء الأرض سببا في البيع، مطلقا على مثل هذا البيع بالبيع القسري.
وأوضح البوعينين أنه من المفـترض أن يوجد الصـندوق حلا لمن لا يستطيع شراء الأرض، كون هذه المشكلة تـعد عامة ولـيست خاصة، معتقدا أن تـطوير آلـيات الصندوق وتقديم المنزل المتـكامل بدلا من القرض للمواطن هو الحل، مستدركا أنه وفي حال لم يستـطع الصـندوق فعل ذلك بسبب آلية عمله، فمن الأفضل تحويل غير القادرين على تأمين الأرض إلى وزارة الإسكان لإعـطائهم المنـزل بدلا من قـرض الصندوق أو تقديم منـحة الأرض إذا لـم يـكن اسـتفاد من أي منـحة من قبل.
وأكد البوعينين أن التكامل بين صندوق التنمية العقارية ووزارة الإسكان يمكن أن يحل هذه الإشكالية، وفيما يتعلق ببيع القرض المستخدم، أي بيع المنزل المبني بتمويل من البنك العقاري، فقال هذا يحدث لأسباب مختلفة، مضيفاً: وفي الحالتين الأولى والثانية، أعتقد أن المنزل الممول من قبل صندوق التنمية العقارية يجب ألا يسمح بإعادة بيعه ما دام مرهونا، على أساس أن البيع يتعارض مع فلسفة الصندوق التي تقوم على توفير المسكن الآمن والكريم للمواطنين.
وفي السياق نفسه أوضح البوعينين أنه من المفترض ألا يسمح ببيع أراضي المنح ما دامت قدمت للمواطنين لاستخدامها في بناء المنازل لا المتاجرة بها؛ مضيفا أن التأخر وتكدس المنتظرين لقرض الصندوق قد أجبر الكثير ببيع أراضيهم في ظل الارتفاعات الملحوظة على الأراضي حتى أصبح الكثير من المواطنين غير قادرين على توفير الأرض التي يمكن رهنها للصندوق مقابل القرض العقاري.
وشدد البوعينين على أهمية أن يكون هناك تشريع يقضي بعدم السماح ببيع أراضي المنح وأن يقتصر استخدامها لبناء المساكن، بالإضافة إلى أن تتحول آلية القروض في صندوق التنمية العقارية إلى تقديم المنزل الجاهز للمقترض بدلا من تقديم القرض؛ مشيرا إلى أن وزارة الإسكان ربما تتولى هذا الدور مستقبلا.
وأوضح البوعينين أن السماح ببيع القروض يجب أن يتوقف للمصلحة العامة، مستدركا أنه وفي النهاية فإن البائع هو المواطن الضعيف والمشتري هو المواطن المقتدر، الأمر الذي من شأنه زيادة حجم شريحة المواطنين الذين لا يمتلكون منازل خاصة، ما قد يؤثر سلبا في مستوى معيشة المواطنين الذي يمثل السكن ركنه الأساسي.
وذكر البوعينين أن بيع أحقية القرض، أفتى العلماء بعدم جوازه شرعا، وهذه معالجة شرعية لكل من يسعى إلى بيع أحقية قرضه بطريقة غير نظامية.