تصدمك أحيانا مظاهر بعض الأشياء لدرجة أنك لا تقبل مطلقا الاطلاع على المضمون أو الدخول في التفاصيل، ففي ذلك مضيعة للوقت.
بعض مسؤولي الخدمات باختلاف مواقعهم ومناصبهم من كثرة ما يثرثرون عما سيعملون وما يعتقدون وما يظنون لم يعد لأحاديثهم أي اهتمام وقبول لدى الرأي العام.
هؤلاء يستعيضون عن تقصيرهم الواضح فيما أنيط بهم من أعمال ومسؤوليات عبر الثرثرة في وسائل الإعلام؛ ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا، بينما هم يحرقون أنفسهم أمام الرأي العام الذي هو أساسا غير راض عن أعمالهم، والنظرية الإعلامية تقول (إذا أردت أن تحرق شخصا سلط الضوء عليه).
هذه النظرية دقيقة للغاية، ومن تمعن فيها وأسقطها على واقع الكثير من الناس لوجدها تمثل عين الحقيقة، فهناك أناس ليس لهم قبول عند الرأي العام وليس لهم مصداقية، لكثرة أحاديثهم وقلة أعمالهم.
في المحيط الذي أعيش فيه وأتحرك عبر محاوره المختلفة أعاني مثل بقية السكان من العديد من جوانب القصور والضعف وما يمكن وصفه أحيانا بالتخلف، وقد كتبت هنا كثيرا عن مدينة الدمام وما تعاني منه، وكيف أن مدينة بهذه الأهمية وهذا الموقع الاستراتيجي والتاريخي تصدم أي زائر لها بسبب حالها، بدءا من مشكلة زحمة السير في مداخلها ومخارجها دون أن يوضع لها حل، ومرورا بالعبث الذي يصيب بحرها عبر ردمه، وإقامة مبان ومشاريع غير مجدية على شواطئه على حساب شغل مساحات مهمة وحجب البحر عن الرؤية، وانتهاء بافتقاد المدينة لأي مشاريع حيوية استراتيجية.
ولأكون موضوعيا أنا أستشهد هنا بحالة أعيشها وأتعامل معها يوميا ولسنوات عديدة، لكنني على يقين أن كل شخص حيثما كانت مدينته يقارن بين ما يسمع وما يرى في مدينته ومدرسته ومكان عمله، وحتى في ناديه الرياضي؛ ليرى الفرق بين من يقول ويعمل وبين من يثرثر فقط.