وددتُ لو أعرف ما ردة فعل كبار مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية، ليس هم فقط بل ومسؤولي الجمعيات الخيرية، التي تمتلئ دكاكينها بديكورات ومكاتب ومنشورات باهظة الثمن، وتنتشر في شوارع كل المدن! ولا تكف عن طلب المزيد بأسماء الأيتام من زكاة وصدقة وكفالة! كل هؤلاء كيف واجهوا لحظة رؤية الصورة التي نشرتها الوطن وتغني عن ألف ألف كلمة، يوم السبت الماضي ليتيم من هذه البلدة الطيبة يتلحف البلاستيك؛ كي يتقي به البرد والحشرات التي تشاركهم مكانا يبدو من الصورة أنه غير صالح للسكن الآدمي! بل وجائع لأنه تناول عشاء أندومي قيمته 85 هللة فقط! أي ما يعادل 26 ريال في الشهر فقط! أي 312 ريال في السنة فقط! أي ما يقارب تسعة وعشرين ألف ريال فقط في 18 سنة هي عمر اليتيم في الدار! فيا ترى كم تكلف هذه الوجبة ميزانية الوزارة الموقرة، ومن كم صفر على الشمال يتم اقتطاعها عن كل يتيم في تلك الدار، ويا تُرى هل تذكر هؤلاء المسؤولون وهم يشاهدون الصورة أولادهم لحظة نومهم في سررهم النظيفة، ويتقلبون فيها بألحفة من تصاميم دزني لاند كـمكي ماوس وباربي وغيرها مما هو باهظ الثمن في أطراف البرد والصيف! هل نسي أحدهم أن يملأ الثلاجة بما لذ وطاب وزاد عن حاجة سلة نفاياتهم! هل شعروا بشيء من الندم.. بشيء من وجع الضمير والخجل، ونحن نرى الصورة أمامنا تنبئ عن ضمائر لا تسكنها حتى الحشرات كتلك الحجرات التعيسة في الدار! أم باتت الضمائر متبلدة كما قال الزميل العزيز الدكتور علي الموسى في مقاله الاثنين الماضي! حتى باتت لا تُغني ولا تُسمن من جوع!.
عن نفسي، والله شعرتُ بالغضب.. بالألم.. بالخجل، وأكثر، وأنا وجها لوجه مع صورة تقرير الزميل موسى محرق الصحفي الذي عرّى سوأتنا تجاه أغلى ما لدينا: أبناؤنا الأيتام في جازان! فما كانت تلك اللحظة إلا وكأنها ستخلع قلبي من مكانه، وكأني أرى ابنا لي على سرير مهترئ في أرضية وجدران معدمة، لا ستائر ولا سجاد ورائحة المكان من صورة تزكم أنوفنا تتوسط كل هذا الجفاف وتستحق جائزة الصحافة السعودية فعلا.
أخيرا: أما من حل مع مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية، وقد كثرت أخطاء الوزارة!، فمن عمال نظافة يؤذون أبناءنا وبناتنا المعاقين في مراكز التأهيل الشامل، إلى جمعيات خيرية تشرف عليها ويتضرر منها مستفيدوها إلى دور أيتام ويتيمات يعانون فيها مرارة سوء المعاملة والجوع وأيضا العري!.
شوفوا لنا حل معهم! فإلا اليتيم، الذي قال عنه الرحمن: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ!.