(إسرائيل تقف على حافة الانهيار سواء من الداخل أو الخارج) تخيلوا أن هذه العبارة لم تكتب الأسبوع المنصرم بعد حرب غزة ولكن 2 يونيو 1967 قبل الهزيمة المذلة لبعض العرب بأيام، وقبل أسبوع من أن نفقد القدس وغزة وسيناء والجولان والضفة. كانوا يسموننا تلك الأيام القوى الرجعية التي تحاول أن تعوق نهوض الأمة، ثم نحروا الأمة وركعوها وأضاعوا فلسطين بمغامراتهم.
استخدم أهل الانقلابات العسكرية في الخمسينات والستينات فلسطين كشعار وهدف، ليخفوا به فشلهم، ويلهوا فيه شعوبهم ويلمعوا زعماءهم. تغير وجه الثورات بعد أربعة عقود فبدل الدبابة أصبحت التقنية، وبدل القومجية ساد الإخونجية، وعندما انطلق ربيع التقسيم ارتفع سقف آمال الشعوب وبدأت أحلام التنمية والتطور، وبدأت المصاعب، فتوجه الربيعيون ومؤيدوهم يبحثون عن نصر يلمعون فيه ربيعهم وحكمه، فجاءت حرب غزة التي استغلها إعلام الربيع أكثر من أهلها وانتهت الحرب بهدنة، فطبل المطبلون أنه نصر، وبدأوا حملة قمع لأي رأي آخر.
يا سبحان الله.. هدنة غزة انتصار.. واتفاق غزة الذي عاد بموجبه أبو عمار خيانة.. استقبال الإسرائيليين والاتصال بهم في الربيع ضرورة، والاتصال بهم قبل الربيع عمالة.. عدم إغلاق مكاتب تمثيلهم أو سفاراتهم مصالح وقبل الربيع كان انبطاحا.. كانوا يحتاجون انتصارا ولو وهميا ليقولوا هذه نتائج الربيع بعد أن ورث في سنة ونصف دماء وانفصالا وإفلاسا.. نفخوا هدنة غزة ليصهينوا معارضي الربيع مثلما حدث مع معارضي القومية.. فهم خالد مشعل الزعيم الذكي كل هذا فأغدق عليهم الثناء، ولكنه لم يضع كل شيء في سلة الربيع الممزقة، فأشاد بإيران، لكي يضمن خط رجعة بعد أن أحرق سفنه مع دمشق.
أهل غزة مناضلون أبطال منذ 1967 لم يغيرهم الربيع أو غيره، وهم في غاية الذكاء أن يتحاشوا أن يكونوا وقودا لنار الربيع، مثلما كانت فلسطين وقودا لنار الانقلابات، وليتنا نقيم معرضا نسميه الحركيون بين الأمس واليوم، من قادة الممانعة إلى مطبلي الهدنة.
فتح المزاد وطالت الألسن ولمع الربيع.. لكن النعجة حتى وإن سادت تظل نعجة.