تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن الجناح السعودي في معرض الشارقة الدولي للكتاب، والجهود التي بذلت من قبل الملحقية الثقافية السعودية بالإمارات لإنجاح المشاركة وتقديم حالة ثقافية مختلفة، بمتابعة مباشرة وحضور متواصل للملحق الثقافي الدكتور صالح السحيباني الذي لم أكن أعرفه من قبل، لكنه والحق يقال تمكن مع فريق العمل من إخراج الملحقية الثقافية من عملها النمطي المكتبي المتعارف عليه، ومن الفكرة السائدة بأنها تكتفي بالإشراف الأكاديمي والمالي على الطلاب المبتعثين وتسيير أمورهم في الخارج، منتقلا بـسفينة الملحقية إلى العمل الثقافي الحقيقي كما هو مسماها.
والسفينة التي تشكل بتصميمها الجناح السعودي بالمعرض، لها حكاية وفلسفة أدت إليها. وهي طبقا للسحيباني ترمز إلى أن المشهد الثقافي السعودي كغيره متحرك كالسفينة يؤثر ويتأثر إيجابا، ومنه خرج المبدعون والمفكرون والكتاب، كما أن السفينة في غدوها ورواحها تربط بين الدول وتقوي العلاقات وهي متحركة للأحسن، فضلا عن أننا يجب أن نتفاعل مع تطور معرض الشارقة من سنة لأخرى ولا نقف جامدين، بلدنا كبير بإمكانياته كبير بإرثه كبير برجاله إذا أخلصوا في خدمته.
من خلال التجربة التي عايشها الجمهور والضيوف من أدباء ومثقفين في معرض الكتاب بالشارقة، يفترض بالملحقيات الثقافية أن تضيف الفعل الثقافي إلى صلب مهامها، وذلك يأتي إذا أعطيت الصلاحيات للقائمين عليها بأن تشارك في الفعاليات وتنظمها، وحبذا لو خصصت قاعة في مبنى أي ملحقية لاستضافة الأمسيات والندوات بشكل دوري، وإقامة نشاطات تتزامن مع الأحداث الهامة في الدولة. فمن الجميل مثلا أن تقيم الملحقية معرضا عن الجنادرية يفتتح يوم افتتاح مهرجان الجنادرية، أو تعقد ندوة في اليوم الوطني، وما إلى ذلك من أفكار.
أحسب أن كثيرا من الملحقيات الثقافية تتطلع إلى أن تعمل شيئا من ذلك، لكنها ربما تصطدم بقيود إدارية تعرقل التنفيذ. لذا من الأجدى أن يتم وضع آلية تسهل ممارسة الفعل الثقافي كأن يدرج النشاط الثقافي ضمن الموازنة العامة للسفارات، على أن يكون الإنفاق ضمن خطة ربعية أو نصف سنوية موضوعة مسبقا تراعى فيها الأحداث الهامة، ويتم الانتباه إلى تنوع النشاطات لتشمل أكثر ما يمكن من مجالات الثقافة والإبداع.
ما شهده رواد معرض الشارقة يشير إلى وجود تطلعات لدى المقتنعين بأهمية الثقافة لعمل الكثير، ولا أحسب أنهم يبحثون عن إطراء، بل يريدون من يساهم معهم في صناعة الأفكار وتطبيقها، ومن يسهل لهم الطريق لتكون الملحقيات الثقافية واجهة ثقافية لوطنهم في مختلف دول العالم.