سؤال عريض: أتصل المرأة من المكانة عند الله تعالى أن جعل فعلا من أفعالها شعيرة مقدسة؟ الإجابة يكفيها تأمل الساعين بين الصفا والمروة ببيته العتيق، ليلا ونهارا، ليدرك أصحاب القلوب المطمئنة والعقول المستنيرة، أن المرأة وصلت من المكانة الرفيعة عند ربّها أن جعل من ذهاب وإياب هاجر أم إسماعيل عليهما السلام شعيرة مقدسة في العمرة والحج، ثم يأتي من يأتي من أصحاب العقول المعطلة والقلوب المُكفهرة ويزعم أنها لم تُخلق إلا متاعا وزينة حين يشتهيها، أو غواية وسببا للضلال حين يريد امتلاكها!
عجيب حقا أمر بعض الذكور! ألا يُسائلون عقولهم: كيف تكون ضلالا وغواية! وقد جعل أكثر أهل الأنبياء نساء؟ بل أكثرهم آباء لبنات، فهذا شعيب أبو البنات، وهذا إبراهيم أول عهده بالنبوة قبل أن ينجب بنيه لم يُعنه إلا سارة ثم هاجر! وهذا عيسى بن مريم خُلق من امرأة دون رجل! وهذا موسى عليه السلام؛ سخر له الرحمن من النساء من يحفظ له نبوته ويعينه على رسالته، من أمه التي ألقته باليم وأخته التي دلت عليه، وآسيا التي أنقذته من بطش فرعون، وبنات شعيب اللاتي دللنه على أبيهن النبي ليتعلم منه حتى تزوج بابنته، ولم يكن ذلك إلا لأنها تربت على النبوة فأعانته بخبراتها، ولماذا نذهب بعيدا: هذا حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام كان أهل بيته نساء.. بداية من السيدة خديجة بنت خويلد أول المؤمنين وأول المتحمسين والداعمين لرسالته، ثم بناته الأربع اللاتي ابتلين وهن يعنّه على رسالته ثم زوجاته اللاتي تزوج كلا منهن لحكمة تخدم الرسالة، رضوان الله عليهن جميعا، بعد كل ذلك يأتي من يأتي وينتقص من قدر النساء ويجعلهن فتنة وضلالا يجب التخوف منهن حتى بات الاقتراب منهن مهلكة! تحتاج فواصل وحواجز وأبوابا خلفية يخرجن منها، حتى إن وصلن من التعليم والمكانة العملية كما في مجلس الشورى الذي ترك قضايا المواطن لينشغل بفاصل يحمي الأعضاء من فتنتهن!
إنهن النساء كما تسمت بهن إحدى سور القرآن الكريم الطوال، وأعجب ممن يقول إنها تسمت بهن لكثرة ما ورد بخصوصهن، بينما المتأمل المنصف يدرك تسميتها لفضلهن ومكانتهن، فمن يتأمل 176 آية كريمة بها؛ يجدها جاءت في معظمها بيانا لحقوق المستضعفين من اليتامى والعبيد والخدم والورثة والأقليات غير المسلمة ممن يعيشون بين المسلمين رجالا ونساء، بجانب النساء، فأوصت بالعدل والرحمة، ورسمت خريطة سياسية للمسلمين في البناء الاجتماعي. والعقل هنا لمن يريد أن يستنير سيدرك ما ذهبت إليه السورة العظيمة بأن شرط تحقق العدل والاستقرار السياسي في المجتمع إنما يتحقق بالعدل مع النساء أولا! فهل هذا هو الواقع!
أخيرا؛ كم أفخر أني امرأة تنتسب لقبيلة النساء.