الاستقبال الجماهيري المستغرب ـ لا الغريب ـ للفنان الصاعد/ 'راكان خالد' يعيد طرح السؤال من جديد: من يصنع الآخر؟ الجمهور أم الفنان؟
الاستقبال الجماهيري المستغرب ـ لا الغريب ـ للفنان الصاعد/ راكان خالد يعيد طرح السؤال من جديد: من يصنع الآخر؟ الجمهور أم الفنان؟ وهو دحروجة ثلج تكبر فنقول: من يصنع الفن؟ النخبة أم الجماهير؟ وتكبر وتسرع فنقول: من يصنع الثقافة عموماً؟ النخبة أم الجماهير؟ وترتطم بعمود كهرباء يتدلَّى من أحد المطلات في أبها فنقول: من يقود التغيير والإصلاح الاجتماعي؟ النخبة؛ كما في تأسيس أمريكا على يد واشنطن، وفريق كرة القدم..عفواً: الآباء الأحد عشر؟ أم الجماهير؛ كما في الثورة الفرنسية، حيث افترست لويس السادس عشر، ثم ما لبثت أن صنعت لها إمبراطوراً آخر هو نابليون بونابرت، أشهر أحمق مطاع في التاريخ؟
وتذوب دحروجة الثلج فوق عمودها المتدلي، واطمئنوا فكل أعمدة الكهرباء بلا كرهب، في أحدث وسيلة للجذب السياحي في المنطقة! وتذوب وتصغر لنعود إلى حفلة جدة غير، حيث فقدنا مهارة التنظيم، التي ترسخت خلال حفلات الطائف الطربية منذ الستينات وحتى منتصف السبعينات الميلادية، وغفونا على أن الفن حرام، فلما أفقنا على أنه حلال: ارتبشنا؛ خوفاً من أن يرجع المُحلِّلون في كلامهم! فبدونا مفتقرين لأكثر الإجراءات التنظيمية بدهية؛ فبينما ظلت حفلات زمان تمتع الجماهير بنجومها المعروفين، وتقدم كل سنة نجماً جديداً، فُجعنا في حفلة خالد عبدالرحمن بالاثنين؛ فلا استمتعت الجماهير بـحوفها عفواً: نجمها العتيق، ولا خبزت حوفاً..يوووه: نجماً جديداً، ربما كان أطعم منه!
والبدهية التي غابت عن المنظمين، هي: أن يأخذ مخاوي الليل بيد الفنان الصاعد، ويحيِّي الجماهير، ويقدمه لها، ويراهن عليه أمامها؛ كما كان طلال مداح ـ مثلاً ـ يفعل مع الفنان الصاعد/ عبادي الجوهر!
وهي الطريقة الأسهل والأكثر بساطة وعفوية، من صناعة النجم قبل أن يواجه الجماهير، كما جرى للفنان/ عباس إبراهيم وبه: حيث صممت له دعاية توعوية بنجوميته القادمة، لم تحظ بها كاميرات ساهر! بل إنها بلغت من الاحترافية بحيث لم تضمن له الرضا والقبول فقط ـ وهو غاية ما يتمناه فنان واعد ـ بل جعلت الجماهير تشعر أنها لا تفهم في الفن ولا في الطرب إن هي ترددت في عشقه والهيام بموهبته، قبل أن يطل عليها! بمعنى أنها كانت تصنع الجماهير لا النجم!
ولكن التحدي الأخطر هو: أن الفنان الحقيقي هو من يصنع جمهوره بالصبر عليه، وترويض ذوقه لاستقباله! وأمام الفنان الصاعد/ راكان خالد ـ لإثبات ذلك ـ فرصة تاريخية لم تتهيأ إلا لقلة من الفنانين كـمحمد عبدالوهاب، وحليم، وشاعر المحاورة العظيم/ صياف الحربي؛ حيث بادرتهم الجماهير بالرفض الشرس سنين عديدة قاسية! وها هي نجومهم تتألق، وقد انطفأت نجوم الليل، والألعاب النارية المعاصرة لهم!