أميل إلى إعطاء كل فنان محترم الحق في سقطة واحدة مغتفرة خلال مشواره الفني، لا أرى أحدا من كبار الفنانين قد سلم منها، وأعتقد أن الجسمي قد استنفدها مؤخرا، في أغنيته حبيبي برشلوني، ويموت فبرشلونة.
مشكلة سقطات الكبار هي أنها تحدث دويّا عاليا، و تجتذب أعدادا كبيرة من المتفرجين، وتحقق نسب متابعة مرتفعة، وتعطي إيحاء بنجاح زائف، مما يغري بتكرارها، وعندها تكون النهايات المؤلمة، وأتمنى ألا يقع الجسمي في هذا الفخ في ظل التنافس الحميم على الشعبية بين المطربين.
إن السقوط عملية سهلة فيزيائيا، سريعة، فيها شعور ممتع بالتحليق، ونشوة بانعدام الوزن! ، لا تتطلّب مجهودا كبيرا، بعكس الارتقاء الذي يعاكس قانون الجاذبية ويعاندها، ولكن الفرق بينهما في المآل هو الفرق بين الثرى والثريا، وللأسف الأكثرية من مطربينا اليوم يتنافسون على الثرى لكي لا تفوتهم الحصة من كعكة الجمهور الذين لا تصل معهم إلى قاع حتى يحفروا الأرض بحثا عن هاوية أكثر عمقا يشدّونك إليها، لقد كنا نرى ذات يوم أن الفنان المصري أحمد عدوية يقدم فنا هابطا، وحين تعود إلى الكلمات التي غنّاها وتقارنها مع ما يقــال هذه الأيام تجدها معلقات خالدة، في ثياب لحنية زاهية، وكذلك في يوم قريب ســوف نترحم على أصوات روبي ومريام فارس وهيفاء وهبي، فهذه الفساتين تزداد قصرا، والأصــوات تزداد نشازا، والألحان تزداد سرعة، والكلمات تزداد غباء.
الكارثة هي أن يدخل إلى الساحة فنانون من وزن الجسمي، رغم أنّه قد ازداد خفّة بعد أن فقد وزنه!