أحلامنا الشيء الوحيد الذي يمتلكه الجميع، لا فرق فيه بين من ينام على فراش من ريش النعام أو على حصير، وسواء كنتَ في فيلا أو بيت شعبي فقير، شبعان أو جوعان، وهو ما لا يستطيع أن يختطفه الفحولي من أنثى ضعيفة تحت ولاية جبرية كما يختطف حياتها أحيانا! وفي ذات الوقت هو شيء ما يزال الوحيد في عصرنا المادي الذي لم يُصبح سلعة تُباع وتشترى! فقط تجار الوهم ممن يُسمونمفسري الأحلام يستطيعون أن يشوهوا أحلامك ويبيعوها في سوق الكذب، ولن يكون إلا حين يسلم أحدهم رقبة أحلامه لهم، ليشتري سرابا لحلم مُنتظر بثمنٍ بخس! ودائما ما أقول لمن حولي: إن امتلكت الحُلم عشتَ الحياة، فـأميركا شغل الناس وشاغلهم اليوم لم تكن سوى حُلم الحرية لمجموعة مستكشفين هاربين من تاريخ أوروبا الذي كان يئن حينها بتقاليد وصراعات دموية وعرقية وطبقية، فإن كانت أوربا نهضت على التاريخ، فإن أميركا نهضت على أحلام الفلاسفة! فهي بلد بلا تاريخ، وكان حلم الإنسان يكفيها لتكون حلما يتمناه إنسان العالم، وكل مشاريعها العلمية والفضائية والطبية والتقنية التي أبهرت عالم اليوم لم تكن إلا أحلاما لأناس عاديين! ومن يهاجر إليها لن يستطيع العيش فيها إن لم يمتلك الحلم! بل أبرز ما يصنع الحلم فيها هو هوليود بتقديم أفلام سينمائية يدرك المتأمل فيها أنها سبب حلم الإنسان الأميركي وإلهامه بركض مستمر في الواقع!
ولكن هناك فرقا بين الحُلم والوهم؛ أن تحلم يعني أنك ترغب في الحياة، هكذا تمتلك طاقة تشغيلية لآلتك الجسدية للحصول على واقع الحلم، لكن الوهم ما هو إلا تضليل يجعلك تعيش فيسراب! ولا أكذب عليكم ـ وبكل صدق عن تجربة شخصية ـ ما حققتُه خلال سنواتي للآن لم يكن إلا مجموعة أحلام طفلة كثيرا ما سخر منها من حولها، وصديقاتي المقربات حين كنّا معا في الثانوية نحكي أحلامنا، أخبرتهن بلحظة صفاء في مراهقة أنيقة كأرواحنا أحلم أن أكون وأكون وأكون! كان حلمي سببا كافيا ليتعالى إلى مسامعي الضحك! إحداهن قالتاحلمي على قدك يا حليمة! لأنها تعرف أني لم أكن أمتلك أيادي حولي تُحول الحلم إلى حقيقة وتمدني بالعون، فقط كنتُ أمتلك يديَّ وقدميَّ، فوهبتني عبارتها طاقة كي أحلم على قدي فعلا، وتحققت المستحيلات، ومنذ تلك اللحظة لم أتوقف عن الركض في أرض الأحلام، فلا شك أن بيننا من وجد نفسه عاجزا عن أحلامه لهذا لا يتوقف عن تحطيم أحلام الآخرين، وهؤلاء هم الأكثر خسارة بيننا، وأتذكر مقولة شهيرة للفنان الجزائري جمال إيزلي: أن أعيش لأحقق حُلمي خير لي من أن أعيش لأحطم أحلام الآخرين ولكن كيف!؟ الإجابة كما يقول الشاعر والفيلسوف الفرنسي بول فاليري أفضل وسيلة لتحقيق أحلامك هي أن تستيقظ، وأضيف أيضا أن لا تسمح لأحد بتحطيم أحلامك.
أخيرا، اخترتُ هذا المشهد من الفيلم الأمريكيالسعي للسعادة الذي أُنتج عام 2006، وأنصحكم بمشاهدته.
http://www.youtube.com/watch?v=-fOwuugd8eo&feature=related