.. وأكاد أجزم أن التصويت على بطاقة المرأة في مجلس الشورى مجرد خطوة قصيرة من طريق طويل لتحويلها من (رقم) إلى كائن حي بحقوق وواجبات. وبالطبع صوت المجلس الموقر (بالأغلبية) على إلزام المرأة باستخراج بطاقة الهوية الوطنية ولكن تدريجياً خلال سبع سنوات. سؤالي: ما هي حجة (الأقلية) التي عارضت هذا التصويت الذي فاز بالأغلبية؟ هل يعرف ممثلو الأمة من أعضاء برلمانها بعض هذه الحقائق المخيفة عن المرأة حين تعيش حياتها بلا هوية؟ هل يعرف هؤلاء الأعضاء الكرام، مثالاً، أن لدينا آلاف الحالات المؤكدة المثبتة عن أزواج على (نساء من مجهولات الهوية) يعيشون معهن باسم الزوجة المتوفاة أو المطلقة؟ هل يعرف هؤلاء الأعضاء الكرام عن آلاف الأطفال الذين يعرفون تماماً أن (الأم) المسجلة في دفتر العائلة في جيب الوالد ليست الأم الحقيقية؟ هل يدرك هؤلاء حجم الانتهاك الشرعي في النسب وفي الدم والانتماء وفي الإرث، في آلاف الحالات المؤكدة؟ وهل يدرك هؤلاء حجم العذاب النفسي وهو يعلم أن (أماً بديلة) تعيش على هوية أمه الراحلة أو المطلقة، وفي دفتر العائلة؟.. أنا ضد دفتر العائلة، لأنني مع هوية مستقلة لكل مواطن من الولادة حتى الوفاة حتى لا تتحول المرأة إلى مجرد تابع بلا هوية. هل يدرك هؤلاء الأعضاء الكرام أن نصف عدد بناتنا في الجامعات بلا بطاقة تعريف جامعي، في الحد الأدنى، بكل ما في ذلك من براهين التزوير، وبكل مئات الحالات المؤكدة المثبتة التي تدخل فيها فتاة جامعية لقاعة الامتحان في مكان الأخرى؟ وهل يعلم هؤلاء الأعضاء الكرام أن هذه الحالات المبرهنة لا تمثل إلا نزراً يسيراً من آلاف الحالات الأخرى التي تستعصي على الضبط؟ هل يعلم هؤلاء الأعضاء الكرام بإحصائية مجلس الغرف السعودية أن نصف رأسمال المرأة السعودية وممتلكاتها مسجلة بأسماء الأزواج، وأن في المحاكم الشرعية مئات القضايا في الخلافات اللاحقة حول هذه المشكلة؟ هل يدرك هؤلاء الأعضاء الكرام حجم الكبت الأخلاقي وتبعات هذه الممارسات التي جعلت من المرأة كائناً خارج التصنيف ومجرد رقم في دفتر عائلة؟
وعوداً على البدء: هل يمكن أن تعيش طفلاً في منزل تعرف فيه تماماً أن (مجهولة) تعيش على اسم (أمك) وتنتقل به لكل مكان وتأخذ فيه كل حقوقها؟ هل تدرك حجم المأساة وأنت (ابن سلمى) في مكان (عائشة).