مع بداية الهجمات الإرهابية، كان للأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله- جهود في مواجهة الإرهاب، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وتجسد ذلك في عدد من القرارات، منها إنشاء إدارة عامة تعنى بالأمن الفكري، وتهدف إلى معالجة ومكافحة الانحرافات الفكرية التي تقود إلى الغلو والتطرف والإرهاب. وتزامن ذلك مع حرب المملكة ضد التطرف الفكري، وانتهاج سياسة إعلامية مبنية على الشفافية، وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنياً والفئات الضالة عبر بيانات لوسائل الإعلام المختلفة. أمام ذلك، قال مدير حملة السكينة لتعزيز الوسطية عبدالمنعم المشوح إن الأمير الراحل كان له دور في أن تجتاز السعودية أزماتها وهي أكثر تماسكا والتفافا وأكثر ثباتا على المبادئ والأصول، وهذا يدل على السياسة الحكيمة والرؤية المتوازنة الدقيقة لمعطيات الواقع والمؤثرات الخارجية وحماية الداخل. وشدد المشوح على أنه بعد عشر سنوات من الحملة ضد الجماعات المنحرفة والفئات الضالة، نجدهم الآن أكثر تشتتا وتيها وضياعا، مما تسبب في حدوث الخلخلة الفكرية داخل تلك الجماعات والتي كانت انعكاسا لرؤية وإستراتيجية الأمير نايف. وأكد المشوح لـالوطن أن إستراتيجية الأمير نايف في مواجهة الإرهاب فكرياً أتت على 3 محاور رئيسية، ووضعت على رأسها المواجهة الفكرية. وتابع قائلاً: لقد أكد في أكثر من مناسبة خاصّة وعامّة على أهمية وأولوية مواجهة الفكر بالفكر، ونجح في جعل هذا المبدأ أولوية لدى كل من يتعامل مع ملف الإرهاب، فإذا كان المسؤول الأمني الأول يضع الحل الفكري في مقدمة الحلول المطروحة فهذا بدوره ينسحب على جميع المشاريع والبرامج والشخصيات المهتمة بملف الإرهاب؛ لذلك وجدنا أن الجميع يتبع هذا الصوت الواضح الشفاف القريب من الحق والعدل.
أما الإستراتيجية الثانية فقد اختصت بالتطبيق، فلم تكن إستراتيجيته نظرية لا يمكن تطبيقها، بل حولها مباشرة إلى برامج ومشاريع، وأصبحت المؤسسات الحكومية والأهلية تتنافس على تطبيق الإستراتيجية الفكرية عبر برامج نوعية، وبدأ بنفسه حيث رعى مركز المناصحة والرعاية، وهو الأنموذج الأبرز في التعامل الفكري والنفسي مع الموقوفين الذين تلوثوا بأفكار منحرفة، حيث تتم رعايتهم شرعيا واجتماعيا ونفسيا عبر وسائل وآليات علمية تطوّرت عبر السنوات وآتت ثمارها.
وبحسب المشوح أيضاً، فإن هذا التوجه الواضح إلى الحل الفكري لملف الإرهاب أتى بالتزامن مع أهمية وجود الحل الأمني المباشر. ولفت المشوح إلى أن الأمير الراحل شجّع الجهات الأخرى على المساهمة وفق اختصاصها، ففي وزارة الشؤون الإسلامية توجد حملة السكينة التي تدخل عامها العاشر والتي تخصصت في معالجة الفكر المنحرف وتعزيز الوسطية عبر الإنترنت، وكانت لها بصمات إيجابية في عملية المواجهة الفكرية، والجامعات السعودية أنشأت عددا من كراسي البحث المتخصصة في قضايا الإرهاب والوسطية والاعتدال.