الدوحة: علي مرزوق

وأنت تزور معرض الفنان العالمي الياباني تاكاشي موراكامي الذي ما يزال يستقبل الزوار في قاعة الرواق بالدوحة، يصدمك ويبهرك تصوير الفنان لنفسه في مدخل المعرض كمخلوق أسطوري ضخم بارتفاع ستة أمتار يلقي التحية على الزوار.
المعرض الذي يحتوي على 60 عملا فنيا منذ عام 1997 وحتى وقتنا الحاضر بعضها مستعار من معاهد عالمية رائدة ومقتنيات خاصة، إضافة إلى عدد من الأعمال الجديدة التي صنعت خصيصا من أجل هذا المعرض الذي يحمل اسم (الذات) ويعني حوار المرء مع ذاته، ويصور كفاح الفنان لإبداع عالم خيالي خاص يرد به على واقع الضغط المعلوماتي الهائل في الوقت الحاضر، ويسلط الضوء على تفسير الرموز، ونقد الثقافات الشعبية السائدة (الفن الشعبي) أو ما يعرف بـالبوب آرت، كما أنه يسلط الضوء على أنماط الثقافات المتنوعة للثقافة المعاصرة وتاريخ الفن.
ويركز المعرض على النواحي الباعثة للبهجة والتأمل من خلال عرض لبالونات ومنحوتات ولوحات الفنان بألوان زاهية جذابة تتماثل مع شخصياته الكرتونية.
ويعد المعرض المحطة الثالثة والأخيرة له بعد عرضه في معرض متحف الفن المعاصر بلوس أنجلوس، وقصر فرساي. ويزاوج فيه الفنان بين الشرق والغرب من جهة وبين الماضي والحاضر من جهة أخرى بما تحمل هذه المزاوجة من تداخل بين الفن المعاصر والفن الشعبي الياباني.
استخدم موراكامي في أعماله وسائط وخامات مختلفة، منها: ألوان الزيت والأكريلك، وورق البلاتين، والقماش الممتد على إطارات من الألمنيوم، كما استخدم البلاستيك المقوى، والراتينج، والفايبر جلاس، إضافة إلى ألياف الكربون والحديد.
وابتكر موراكامي أنماط عرض جديدة تتضمن أعمالاً نحتية تتداخل مع الرسوم المتحركة، وخيمة سيرك دائرية بداخلها شاشة عرض سينمائية تعرض أفلامه الكرتونية الحديثة المستمدة من الثقافة الشعبية اليابانية، تحلق حولها الكبار قبل الصغار للاستمتاع بالعروض الكرتونية، وقد عجبت لبض الزوار وكيف أنهم جلسوا كما يجلس الأطفال على بطونهم لمشاهدة السينما.
في مجموعة منحوتات (أنا وبوم) يصور موراكامي نفسه إلى جوار كلبه الصغير بطلا ضخما رغم مسحة الطفولة المرسومة على محياه، في دعوة منه إلى الغوص في شخصيته المتأثرة بالسياق الثقافي المحيط به وبالمؤثرات البصرية التي أثرت في فنه.
ومن الأعمال المثيرة للجدل لوحة طولها 100 متر تسمى (آرهات) تستمد فكرتها من الرسوم اليابانية التقليدية، وتصور الكوارث المتمثلة في الزلازل وموجة تسونامي وكارثة محطة فوكوشيما النووية التي شهدتها اليابان خلال العام الماضي، وهو عمل مؤلف من أربع أجزاء تلتف حول ثلاثة من جدران القاعة الرئيسة.
يذكر أن تاكاشي موراكامي أسس في عام 1996 مصنع (هيروبون) لإنتاج أعماله بمساعدة فريق عمل متخصص يضم 100 شخص من العاملين المؤهلين والمدربين تدريبا عاليا. وفي عام 2001 تحول المصنع إلى شركة تحمل اسم كايكاي كيكي كو لميتد متخصصة في مجالات الفن كافة، وتقدم خدمات كبيرة للفنانين الشباب من أجل إنتاج أعمالهم الخاصة والطرق المثلى في انتشارها وتسويقها.