اليوم هو اليوم الأول من أيام التشريق؛ ويسمى يوم القَرّ، لأن حجاج البيت الحرام يستقرون فيه بمِنى بعد أن فرغوا من الرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة
مرحبا بكم من مشعر منى، مرحبا بكم في هذا اليوم العظيم.. قال عبدالله بن قرط ـ رضي الله عنه ـ : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أعظم الأيام عند الله ـ تبارك وتعالى ـ يوم النحر ثم يوم القر، وقدم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدنات خمس أو ست، فطفقن يزدلفن بأيتهن يبدأ بها.. الجزء الأول في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن هو بيت القصيد في هذا المقال بسبب المناسبة الزمانية، ولا أعني بذلك عدم أهمية الجزء الثاني الذي استدل به العلماء على أولوية تبرك الآدميين بسيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ قال العلامة والمحقق والمحدث محمد شمس الحق العظيم أبادي، صاحب كتاب: (عون المعبود شرح سنن أبي داود): (فطفقن) ـ الإبل ـ أي شرعن، و(يزدلفن) أي يتقربن ويسعين؛ يقصد كل من البدنة أن يبدأ في النحر بها، ولا يخفى ما فيه من المعجزة الباهرة، وقال الطيبي أي منتظرات يأتيهن يبدأ؛ للتبرك بيد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نحرهن.
اليوم هو اليوم الأول من أيام التشريق؛ ويسمى يوم القر، لأن حجاج البيت الحرام يستقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من الرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة واستراحوا، وهو اليوم التالي ليوم النحر الذي يطلق عليه في مذهبي الإمامين مالك وأحمد (يوم الحج الأكبر)، ويوم القر يقال له كذلك: يوم (الرؤوس) لأكل الناس فيه لرؤوس الأضاحي.. روى الإمام مسلم عن نبيشة الهذلي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله.. وهذه الأيام هي الأيام المعدودات التي قال الله ـ عز وجل ـ فيها : {واذكروا الله في أيام معدودات} وهي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر. ذكر الله سبحانه وتعالى المأمور به في أيام التشريق أنواع متعددة، منها: ذكره عز وجل عقب الصلوات المكتوبات، بالتكبير في أدبارها، وهو التكبير المقيد، ومنها: ذكره جل وعلا بالتسمية والتكبير عند ذبح النسك، ومنها: ذكره سبحانه بالتكبير عند رمي حصى الجمرات.
وعن أحوال السلف الصالح في هذا اليوم وما يليه؛ ذكرت مجلة البحوث الإسلامية، التي تصدرها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، في عددها (69) / سنة 1424هـ أن سيدنا أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال في خطبته يوم النحر: بعد يوم النحر ثلاثة أيام، لا يرد فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكم إلى الله عز وجل، وأن الإمام عكرمة مولى سيدنا ابن عباس، وأحد التابعين المشهورين قال: يستحب أن يقال في أيام التشريق: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وقال بعض أهل العلم: أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعم، وذكر شراح الأحاديث الشريفة أن في حديث أيام منى.. إشارة إلى أن الأكل والشرب في أيام العيد والتشريق، إنما يستعان به على ذكر الله وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات...
اللهم ضجت إليك الأصوات، بصنوف اللغات، يسألونك الحاجات؛ فأصلح لهم دينهم ودنياهم وآخرتهم يا كريم.