يؤدي أحيانا إلى العراك بسبب التأخر عن الدوام
دام انتظاره لها طويلا، وراوده التفكير بأنها لربما تبحث عن إجابة لسؤال أرقها طيلة منتصف الليل في مادة الأحياء، ولكنها لم تظهر حتى الآن، فظن أنها لربما تعرضت لطارئ ما منعها من الخروج مبكرا، فترجل عن سيارته، خاصة وأن الساعة باتت تقترب من السابعة، ولم يتبق لزمن بداية الاختبار سوى دقائق معدودة، لن تكفي ليوصلها إلى المدرسة مبكرا، ومن ثم يذهب إلى عمله، وكانت المفاجأة عندما دخل إليها ووجدها منهمكة أمام مرآتها وقد انشغلت بالتزين.
راقبها عن بعد، فإذا بها تارة تمسك بشعرها، وأخرى تعبث بخصلاتها، وسرعان ما تغير رأيها لتقوم بتغيير كل ما صنعته بشعرها مسبقا، فأدرك الآن ماهية التأخر، والسبب الذي جعله ينتظر طويلا، إنها المرآة وليست مادة الأحياء كما كان يظن.
هكذا بدأ سعود الخالدي يومه مع ابنته ريم الطالبة في الصف الأول الثانوي، وهو يتساءل عن كل ذلك الوقت الذي قضته ابنته أمام المرآة، والذي يتسبب في تأخره عن عمله كل يوم، وأدرك بذلك أخيرا السبب في رفض إخوتها الذكور انتظارها.
ساعات طوال تقضيها الفتيات أمام المرآة كل صباح، وتحول الأمر إلى عادة تؤرق الأهل، وتربك يومهم الصباحي، فمنهم من تتسبب له المواقف بالتأخر عن العمل، وآخر يرفض الانتظار، وثالث يستأجر سائقا، ويدفع له ضعف الثمن، حتى ينتظر من تقضي وقتا ليس بالقليل أمام مرآتها.
آمنة السرحاني تعمل ممرضة في أحد المستوصفات الخاصة تقول: تبالغ ابنتي الجامعية رهف في الوقوف أمام المرآة، والتفنن في العناية بشكلها وهندامها، غير مبالية بمن ينتظرونها خارج المنزل، مشيرا إلى أن هذا الأمر أحرجها كثيرا أمام السائقين، دون أن تشعر هي بذلك.
وتابعت: منذ بداية العام تعاملت مع ما يزيد على أربعة سائقين، وجميعهم لم يتمكنوا من الصبر على انتظارها.
وأضافت وهي تلقي باللوم على ابنتها غير المبالية لأهمية الوقت قائلة: الآن ونحن في فترة الاختبارات لا أجد سائقا يقلها إلى الجامعة التي تبعد 23 كلم عن منزلنا، بل إن الأمر تطور إلى أكثر من ذلك، فقد علمت من زميلة لي في العمل أن السائقين يحذرون بعضهم من التعامل معها لإيصالها، والسبب المرآة.
أما فريال الحجي (طالبة جامعية) فتقول: لا أقصد أن أسبب الحرج للآخرين، خاصة لوالديّ وأرهقهما في الانتظار، وتابعت قائلة: بعض الفتيات يقضين وقتا طويلا أمام المرآة، خصوصا قبل الذهاب إلى المدرسة، أو الجامعة، وكأنهن يقصدن حفلة زفاف، وليس مكانا لطلب العلم.
يارا الرويلي (طالبة في المرحلة الثانوية) تقول: لم أستطع أن أتخلص من تلك العادة التي باتت تهدر وقتي ووقت أسرتي جميعها، ففي كل مرة أقطع عهدا على نفسي بأنني لن أكرر عادة الإسراف في الوقوف أمام المرآة، أجدني سرعان ما أنقض العهد مع نفسي.
وتروي أم فهد تجربتها مع أبنائها التي تدخل في مشكلة يومية مع أبنائها بسبب المرآة، وتقول كل صباح أدخل في عراك مع أبنائي الطلاب وزوجي الذي يعمل مديرا لمدرسة ثانوية، ولا بد من حضوره مبكرا لعمله، ولكن المرآة حالت دون ذلك، والسبب وقوف ابنتي سلمى عليها لمدة طويلة وهي تجعل من نفسها مسرحا للتجارب بالألوان.
ويعترف الطالب سلمان الرويلي في المرحلة الثانوية بأن المرآة أصبحت من أهم الأسباب التي تجعله يتأخر عن الحصة الأولى بالتالي، ويتعرض للوم من مدير المدرسة، وعن السبب يقول: السبب في ذلك أختي سامية التي أضطر لأن أنتظرها طويلا، وهي في المقابل تزداد تمسكا بالمرآة.
وتقول اختصاصية التجميل سهام السعيد بأن تمسك الفتاة بالمرآة أمر طبيعي وفطري جدا، وكل فتاة في هذه الفترة تكون في سن المراهقة، وفي هذه المرحلة يزداد تعلقها بأمور الزينة، وتفضل أن ترى نفسها دائما بالمرآة. وتابعت السعيد: لا يوجد أي ضرر من ارتباط الفتاة بمرآتها إلا في حال وقع الضرر، فمثلا قد يكون وقوفها مطولا أمام المرآة سببا في تأخر غيرها.