أفهم من كلام رئيس هيئة مكافحة الفساد، في محاضرته التي ألقاها يوم السبت الماضي في النادي الأدبي بالرياض، أن عدد البلاغات التي تصل الهيئة يوميا كثيرة، حتى وإن كان بعضها لا يدخل ضمن مهام الهيئة فإنها في الأخير من وجهة نظر المبلغين فيها فساد.
حجم البلاغات الصادرة من أناس إما متضررون بشكل مباشر من هذا الفساد أو منزعجون من تداعياته يؤكد استفحاله، ولهذا أنشأت الدولة هيئة مكافحة الفساد؛ لتكون بجانب ديوان المراقبة، وهيئة الرقابة.
ثلاث جهات تحارب الفساد، ويرى محمد الشريف، رئيس هيئة مكافحة الفساد أنه ليس من الصواب دمج عمل مكافحة الفساد مع ديوان المراقبة وهيئة الرقابة، إذ سيغرق عمل كل جهة دون جدوى مرجوة، حيث إن لكل جهة عملها، فديوان المراقبة يختص بالأموال، وهيئة الرقابة تختص بالأمور الإدارية، بينما مكافحة الفساد يختص دورها في الحيلولة من وقوع الفساد والكشف عنه.
لعل الشريف مصيب فيما قال، ولعل التخصص أمر مطلوب، ولكن السؤال هنا: هل تمكنت هذه الجهات الثلاث من الحد من الفساد؟، وهل هناك دراسات وإحصاءات ومعلومات قائمة بشكل حيادي وموضوعي وعلمي أعدت وأجريت لتكشف لصاحب القرار وللرأي العام ما إذا هناك نتائج إيجابية من عمل هذه الهيئات الثلاث؟ أم أن الوضع كما هو أو أنه في ازدياد؟
ولو سلمنا وتفاءلنا وقلنا: إن وجود الهيئات ساهم في الحد من الفساد، فإن حجم الفساد هو من المكانة بحيث ثمار تلك الهيئات تصبح شبه غير مرئية وفق حديث الشارع، وبالتالي تظل الشكوى قائمة من هذا المرض الخطير، ولهذا أظن أن أفضل طرق مكافحة الفساد هو عزل المفسدين من مناصبهم، وعدم تمكين أي مفسد من تولي منصب يساعده على نشر هذا المرض.
أتمنى من المعنيين بمحاربة الفساد أن يتبنوا هذا المنهج، ويطالبوا بتطبيقه في كل مناحي الدولة، وعلى كل الناس، عندها ستكون النتائج سريعة ومبهرة للغاية.