في نقدته النشرية ـ وحقوق المصطلع محفوظة لأستاذنا/ مازن العليوي ـ دعا الزميل الجميل/ سامي الفليح، ابن الأزمل الأجمل/ سليمان الفليح، صاحب مدرسة هذرلوجيا الجماهيرية الاشتراكية العظمى في الزميلة الرياض، إلى استخدام ما سماه اللهجة العامية ـ والصواب اللغة العربية المحكية ـ في مسلسلات الأخبار السعودية!
أما الأخ/ أنا ـ وهو يحمل درجة الماجستير في اللغة العربية ـ فقد دعا إلى أبعد من هذا في ثلاث مقالات منذ موووبطي: الأولى نسيها، والثالثة لا يذكرها، ولكن الثانية بعنوان: (أين هي العامية؟) مختصرها المفيد: إذا كان كل ما نعرفه من كشكشة وهي تحويل الكاف إلى (تْشْ) كما في قول الخليجي: أحبتْشْ يابلادي، وكشكشة بدون نقاط وهي تحويل الكاف إلى (تْسْ) كما في قول البدو والقصمان: أحبتْسْ يابلادي، وشنشنة وهي تحويل الكاف ما غيرها إلى شين كما في قول الجنوبي: أحبش يابلادي، وتحويل الجيم إلى ياء، وتحويل القاف إلى همزة إلى أخخخخه، إذا كان كل ذلك هو من مظاهر اللغة الفصحى فأين هي العامية إذن؟
وأساتذة اللغة يعلمون ذلك، وآخرهم أستاذانا القديران الدكتور/ عوض القوزي، والدكتور/ مرزوق بن تنباك، حيث ألقيا محاضرة في نادي الرياض الأدبي مؤخراً بعنوان (حوار حول العامية)، ختماها بالاعتراف أن العامية مستوى معتبر ومحترم من اللغة العربية منذ كانت؛ بل إن القوزي دعا إلى ما يشبه دعوة الواد/ سامي، لتبسيط اللغة والبعد عن التقعر المكروه عند كل اللغويين في مختلف العصور!
ونعود للأخ/ أنا فقد قال في مقالاته التي نسيها والتي لا يذكرها والمذكورة: إن الفارق الوحيد بين ما نسميه الفصحى وما نسميه العامية هو الإعراب، أي تحريك أواخر الكلمات حسب موقعها من الجملة، وقد ضربه القرآن العظيم في مواضع كثيرة أشهرها رفع اسم إن المثنى في قوله تعالى: {إن هذان لساحران} والجمع بين فاعلين لفعل واحد المعروف بلغة أكلوني البراغيث في قوله تعالى: {وأسروا النجوى الذين ظلموا}، ولكن النسق اللغوي جعل ذلك شذوذاً عن القواعد التي خرسنها الزميل الفارسي/ رائحة التفاح ـ سيبويه غفر الله له! ولو استمعنا إلى الزميل العميد/ طه حسين لجعلنا القرآن هو القاعدة وما عداه هو الاختلاف أو الشذوذ! ولو سلمنا بمبدأ الزميل/ ديكاغت، كما سلم به الزميل/ هوسرل ومن تهسرل معه في المدرسة الفلسفية الظاهراتية وهو: أن اللغة هي الفكر منطوقاً، لأدركنا فداحة جنايتنا المتراكمة عبر أكثر من ألف سنة في تحنيطنا الفكر بتحنيطنا اللغة، وهي كائن حي ينمو ويتطور ويتغير من جيل إلى جيل ومن مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان ومن مكزانٍ إلى زمكان، بما يحقق الإعجاز في تعهد الرب سبحانه في قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فلا معنى لحفظ القرآن في لغة كلها محفوظة ومحنطة بالشمع الأحمر.