قلت لصديقي الغالي الدكتور، سعد بن شباب الشهري، إن البكاء على دماء ـ تالا ـ إنما هو بكاء على القدر المكتوب والدم المسكوب بدلا من أن تكون هذه الضحية التي قطعت شرايينها على يد عاملة مستقدمة يقظة اجتماعية تأخذنا إلى مسارات مختلفة كي لا تتكرر هذه المأساة. صعقني صديقي وهو يفاجئني بالأمس أن هذه ـ التالا ـ الرائعة بنت أخيه لأن معرفتي الطويلة بهذه العائلة الراقية المتعلمة تبرهن أن ـ تالا ـ كانت ضحية جنون وميل غرائزي فطري للقتل، وهي غريزة كما يقول علماء النفس وحتى الإحصاء تحدث لفرد من كل مليون، أن يقتل وأن يكون مستمتعا به وهذا مرض يعاقب عليه القانون الأميركي بالكرسي الكهربائي إعداما في بعض الولايات لأن الجاني يقتل وهو في كامل الوعي وتمام العقل. هذا بالضبط ما فعلته هذه العاملة التي كانت تعيش حياة طبيعية مع عائلة كانت معها رائعة في المعاملة.
والعبرة التي أحدثتها هذه الحادثة المأساوية هي البرهان على أننا نعيش في بيوتنا وأطفالنا بطريقة تختلف عن كل الكون. عشت سنوات في الغرب ويومها كنت آخذ ابنتي وابني إلى ـ الحاضنة ـ التي تتواجد في كل الأحياء وتعمل تحت القانون والنظام ويعطى لها تصريح الحضانة بعد فحص ودراسة. لدينا آلاف السعوديات من الشابات المؤهلات لهذا العمل الإنساني، العائد باقتصاد مجز، مثلما لدينا آلاف النساء العاملات اللواتي سيشعرن بالأمان والاطمئنان بترك أطفالهن مع عشرات الأطفال تحت اللوحة الرسمية في المكان الآمن المطمئن. نحن بهذه الأفكار نفتح آلاف الفرص الوظيفية مثلما نغلق هاجس الخوف، لأن ـ تالا ـ لم ولن تكون لوحدها قصتنا اليتيمة. في الشارع الذي أسكن به، ومن نساء جيراني سبع معلمات في شارع قصير وكلهن لديهن أطفال يحملن لهن نفس المخاوف. قطعة من الحي الذي أسكن به تكفي لثلاث وظائف حاضنات على حسابنا الخاص. وبدلا من ذلك فإن المؤسسة الاجتماعية التي تعمل في الشارع المقابل هي لجنة تنمية الحي بمبناها الواسع الضخم ولكن بأهدافها التي لا تؤدي وظيفة إلا أنها أصبحت ناديا للمناسبات والعزايم.
نحن نفعِّل الأفكار الخطأ في مكان الفكرة الصحيحة الغائبة.