وصول فرنسوا هولاند إلى سدة الحكم في فرنسا يطلق عملية إعادة توازن في أوروبا لصالح اليسار ويعطي أولوية للنمو في مواجهة أنجيلا ميركل التي تريد رغم كل شيء الحرص على ضبط الموازنة. فبعد هزيمة غوردن براون في بريطانيا وخوسيه لويس ثاباتيرو في إسبانيا وجوزيه سوكراتيس في البرتغال وإقصاء جورج باباندريوس من الحكم في اليونان الذي هزم حزبه في الانتخابات التشريعية الأحد، أشاع فوز هولاند ارتياحا في صفوف اليسار في أوروبا. ففور إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لم يهدر المسؤولون الاشتراكيون الأوروبيون الوقت للدعوة إلى تغيير الاتجاه في السياسة الاقتصادية الأوروبية مثل رئيس الوزراء البلجيكي اليو دي روبو الذي طالب بـإستراتيجية نهوض طموحة.
ويمكن للرئيس الفرنسي المنتخب أن يفتخر بتحقيق انتصار أول، إذ إن مسألة النمو أصبحت في صلب النقاشات بعد أن غابت حتى الآن عن برامج التقشف في الموازنة المفروضة بسبب أزمة الديون. ويتم التحضير لمبادرة أوروبية بهذا المعنى ممولة بأموال أوروبية لعقد قمة أوروبية في نهاية يونيو المقبل. وسمحت حملة هولاند بتحريك الملفات العالقة وأعربت ألمانيا عن استعدادها لذلك.
فهل سيكون ذلك كافيا لهولاند للمصادقة على معاهدة الاستقرار لضبط العجز في ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي التي تطالب بها المستشارة الألمانية؟ أم إنه سيرغب في التطرق في برلين إلى مواضيع أخرى محرمة مثل وضع البنك المركزي الأوروبي أو السندات الأوروبية؟ واقترح رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي التوسط في هذا الخصوص. وقال مونتي إن إيطاليا في موقع جيد لمساعدة فرنسا وألمانيا في إيجاد توازن جديد إذا لزم الأمر.
وتتوقع أوروبا من هولاند المساهمة في ملف عاجل آخر هو قيمة ومضمون الموازنة الأوروبية على عدة سنوات (2014-2020) التي تقررت مبدئيا هذا العام مع أولى المباحثات الجدية نهاية يونيو.
وشركاء فرنسا ينتظرون بفارغ الصبر لمعرفة ما إذا كان هولاند سيعتمد أسلوبا مغايرا تماما عن سلفه في الملفات الأوروبية. وحيث اختار ساركوزي مع ميركل أسلوب الإدارة الحكومية لأوروبا، ألمح هولاند خلال الحملة الانتخابية إلى أنه يريد احتراما أكبر لدور المؤسسات الأوروبية.