ومما يفخر به الطابع بأمر الله ويتفاخر ويتفشخر هو أنه تلميذٌ مزمنٌ لا يرجى شفاؤه لأستاذ الجيل/ عبدالله الغذامي، أجاب الله فيه دعوات خالته موضي رحمها الله! منذ اكتشف أنه ليس غذامياً واحداً؛ بل قبيلة من الغذامنة: ففي قراءته لرواية رجاء الصانع/ بنات الرياض اجتمع: الحداثي، والنصوصي، والبنيوي، والتفكيكي، وما بعد الحداثي، والنسقي الأبوي! أما في النقد الثقافي فيتجلى الغذامي الرجعي رجعية لا هوادة فيها، محامياً عن النسق ضد أشهر المحاربين له؛ كالزميلين/ أدونيس، ونزار قباني!
هذا التعايش الحضاري بين شتى ألوان الطيف في عبادالله الغذامنة يلخصه حبيبه الأول، أستاذنا الدكتور/ عبدالرحمن السماعيل بقوله مادحاً إياه:
لغة الحداثة إذ ملكت زمامها * لم تنسك (التكوير) و(المدَّثرا)!
فكسوت (ريفاتير) جبة (حازم) * وجمعت (ييل) بساحةٍ و(الأزهرا)
فبدا (ابن جني) في المجامع حاضراً * يروي لـ(نعومٍ) غريب (الشنفرى)!
أما المحرك لكل ذلك الصراع السلمي فهو الغذامي الطفل!! ليس الولد الشقي الذي يعمل العملة ويقعد يتفرج ـ كما يقول أحمد أدهم عن طه حسين ـ وإنما ذلك المخلوق من الدهشة فاعلاً ومفعولاً، ومشاكساً ومشكوساً، وعابثاً عبثاً قد يؤذيه فتغرورق عيناه، لكنه سرعان ما ينفجر مكركراً وسط ضحك العابثين معه!
روح الطفل الغذامي هي التي طارت فرحاً باكتشافٍ جديدٍ اسمه تويتر، فصرخ في أول تغريدة: واااااو .. وين حنا بُهْ؟ ووين كنا بُهْ! ولا يملك بقية الغذامنة ـ ومنهم من أشرف على السبعين ـ غير مجاراته، ومناغاته كما يفعل السماعيل مع حفيده الدحمي:
جِئتني والزمان قد أوصد الباب * أمامي وسهل أمري شديدُ
والليالي قد أثخنتني ودربي * ضاع بين الدروبِ وهو رشيدُ
فبدا لي الوجودُ فيك جديداً * ما له قبل أن أراك وجودُ!!!
فأيهما أجدى لمحبيه: أن يتفهموا هذا الطفل المدهش، ويغنجوه، ويتحملوا منه ما يصدر عن طبيعة الأطفال البريئة؟ أم ينهروه فيستعدوا بقية الغذامنة، ومنهم الأقشر الشرس كما في خصومته مع الدكتور/ سعد البازعي، وقليل الخاتمة كما في خلافه مع رفيق حداثته الدكتور/ سعيد السريحي، وأبو عرام السليط كما في ملاسنته مع شاعر لا ماء في الماء/ محمد العلي؟
أما الأخ/ أنا فيبقى تلميذا نجيباً يتعلم من كل غذامي شيئاً: تعلم من الأكاديمي الصارم أن النص أنثى حرة شريفة، لا يستحقها إلا فارس يقدم ما يستطيع للظفر بحبها، وليس بائعة هوى تميل مع أول غمزة!
ومن أستاذ النظرية صنع التلميذ نظرية علم نفس التيوس؛ بناءً على رفض شهادة الأقران في بعضهم؛ لأنهم يتغايرون مغايرة التيوس؛ كما يقول ابن عباس!
وها هو يتعلم من الطفل: أن لا خوف على محمد الرووطيان لو وقع من علو خمسمئة ألف تغريدة في باص طالبات متجه إلى جامعة الأميرة نورة!!