أحمد الحربي

أحمد الحربي
رئيس أدبي جازان السابق

مساء الاثنين الموافق 24 /5 /1433 كان أعضاء الجمعية العمومية في النادي الأدبي بجازان على موعد مع فصل جديد من فصول الانتخابات التي أقرتها لائحة الأندية الأدبية، والتي يرعاها مراقبون يمثلون وزارة الثقافة والإعلام لا يعدو كونهم شركاء أساسيين في كل مهازل الأندية الأدبية بحلتها الجديدة بدءا من الانتخابات وانتهاء باجتماعات الجمعيات العمومية العادية.
شهدت البداية توترا ملحوظا من قبل الجميع، فالثقة معدومة بين معظم أعضاء الجمعية العمومية والمتنفذين في لوائح الأندية وأقصد بهم إدارة الأندية الأدبية، أما مجلس إدارة النادي الأدبي فالمعروف والمفروض والمسلم به أنهم أعضاء في الجمعية العمومية والمفروض أنهم هم المهتمون بثقافة المنطقة، ولكنهم للأسف لم يستطيعوا التفريق بين كونهم أعضاء في الجمعية العمومية وأعضاء في مجلس الإدارة، فغلبوا مصلحتهم الشخصية لعضوية مجلس الإدارة على المصلحة العامة لوجه ثقافة المنطقة مع كل مثقفي المنطقة الواعين والمدركين لدورهم البناء، وأعني بالمثقفين أولئك النبلاء الذين حضر بعضهم، واحتفظ بعضهم الآخر بمكانته ولم يشارك في مهزلة جديدة من مهازل إدارة الأندية الأدبية.
كان مجلس إدارة النادي قد وضع صورة من جدول أعماله على صفحته في (فيس بوك)، واستعرضها أعضاء الجمعية العمومية ورأى عدد يقدر بأكثر من ربع أعضاء الجمعية العمومية أن هناك نقاطا مهمة جدا تجب مدارستها مع بقية أعضاء الجمعية العمومية في اجتماعها القادم، واتخاذ القرارات المناسبة فيها، وهذا حقهم الدستوري، وقد تم رفعها إلى رئيس مجلس إدارة النادي الذي تسلمها ووعد بمناقشتها واتخاذ القرار فيها من قبل الجمعية العمومية.
إلا أن واقع الحال تغير كثيرا عندما صعد إلى المنصة رئيس النادي برفقة المدير العام للأندية الأدبية، وبدأ الحوار بين طرفي نقيض تماما، حول التصويت على قرارات الجمعية قبل أن يتم استعراض فقرات جدول الأعمال، وقبل أن يطلع الحاضرون على جدول الجلسة، وقبل أن يتم التثبت من الحاضرين هل هم أعضاء في الجمعية العمومية أم لا؟
وسارت أمور النقاش على هذا المنوال، حيث يرى مدير عام الأندية أن يكون الكترونيا، ويرى عدد من أعضاء الجمعية أن يكون يدويا علنيا حسب (المادة العشرون) و(المادة الثانية والعشرون) من لائحة الأندية الأدبية (الجمعية العمومية)، ولكن ما زاد الطين بلة أن يغرر بالحاضرين ويقرأ مدير عام الأندية نصا من لائحة الانتخابات حول التصويت الإلكتروني والورقي، بعيدا كل البعد عما هو عليه الحال في ذلك الاجتماع، فهناك فرق واضح وصريح بين نصوص ومواد لائحة الانتخابات التي تختلف عن نصوص ومواد لائحة اجتماعات الجمعية العمومية العادية والاستثنائية.. ولضعف الوعي عند الكثير من أعضاء الجمعية مررت عليهم هذه الحيلة التي انطلت على معظم الحاضرين المسالمين الذين يريدون الأمور أن تسير بود وإخاء، وليتهم قدروا ذلك.
الذي فاجأني وآلمني ما سعى إليه المتكتلون أنفسهم فقد جاؤوا لمساندة زملائهم الذين دفعوا بهم إلى مجلس الإدارة أثناء الانتخابات، وهذا حقهم في الدفاع عن أصواتهم السابقة، ولا اعتراض على ذلك، فقط الملاحظ أن كثيرا منهم وضعوا أنفسهم في مكانة لا تليق بهم ولا بالمثقف ولا بالثقافة، فقد ظهر عدد من المثقفين كالمرتزقة الذين جاؤوا لتنفيذ مطلب معين وبعد ذلك عليهم أن يشيعوا الفوضى وينسحبوا من أماكنهم تاركين المجال للبقية التي جاءت بكل احترام ومصداقية وجدية لتمارس دورها في اجتماع جمعيتهم العمومية، متناسين ما قرؤوه وحفظوه ومارسوه حينا من الوقت.. نحن لا نقبل أن تصل درجة السفه إلى إقصاء الحق والعدل، وتغليب مصلحة الجيب على مصلحة الوطن، هذا هو الذي لا يمكن أن تقبله الثقافة بأي حال من الأحوال، لذا نطالب منذ اللحظة بالوقوف صفا واحد ضد هذا التهريج الذي بدأ يستشري في جسد الثقافة في المملكة.
وحيث عمت الفوضى والغوغائية، وصولا إلى التنابز بالألقاب، والتنكر لأساتذة الأدب، ومن خدموا الثقافة في المنطقة من فئة ليس لها في العير ولا في النفير، فما كان منهم إلا التشريع لمرحلة سيئة من مراحل الثقافة في منطقة الأدب والفكر والعلم، تلك المنطقة التي يشهد لها ولأهلها القاصي والداني بسمو الأدب ونبل الأخلاق، ولكن أبى بعض أبنائها إلا أن يمتثلوا لمآربهم التي جعلت الأنقياء في وضع لا يحسدون عليه، فأسقط في أيديهم، وتألم بعضهم لما آل إليه وضع الثقافة في جازان، والتي وعد رئيس النادي المنتخب أن يعيدها إلى الصفوف الأولى، إلا أن الهوة تتسع، والفرقة تزداد وتتشعب، والحلفاء يقبضون على زمام المصالح ويعضون عليها بالنواجذ، غير آبهين بمستقبل الثقافة في منطقة جازان.