ويحدث كثيرا أنَ ذات الشخص الذي تحاصره تهم عدم احترام القانون والتحايل على النظام والعبث بالممتلكات العامة والطيش والتمادي وانحدار مستوى الذوق العام والعنصرية محليا، فإنه يتحول خارجيا إلى أحد أفضل الأمثلة التي يمكن الاستشهاد بها حين يأتي الحديث عن الالتزام بالأنظمة واحترام الآخرين والانضباط السلوكي ونبذ العنصرية بل والمساهمة في الأعمال التطوعية أيضا!
ومكمن التحول الجذري السابق لا يعزى لتغير عوامل الطقس ولا المناخ، وليس له أي علاقة باختلاف نوع التضاريس، وبالطبع أيضا لا يمكن نسبته بشكل أو بآخر لزيادة إفراز هرمون الأدرينالين داخل جسمه، وإنما ببساطة متناهية لأنه سيجد نفسه نشازا حين يحاول ممارسة ما اعتاده في الداخل بعيدا عن أرضه وجمهوره، سيلحظ هناك أعينا محتجة تلتهمه من كل صوب، سيسمع عن عقوبة حقيقة زاجرة، فيضطر مع كل ما سبق ورغم قصر المدة إلى المجاراة والاندماج وطاعة السوق الذي لم يطعه!
المؤسف في أمر كهذا أنه لن يستمر في استخدام كتالوج الأخلاق والانضباط الخارجي بعد عودة من هناك، وسيستبدله فور نزوله من سلم طائرة الإياب بالنسخة الرديئة التي تجد رواجا كبيرا في الداخل! يفعل ذلك حنينا لممارسته القديمة وانعتاقا من مسافة العقوبة القريبة أو لأنه سيجد نفسه نشازا في أحيان عدة ومثارا لسخرية العيون وهو يثبت حزام الأمان حول جسده! أو يجمع مخلفات رحلته الخلوية في كيس أسود!
وللسائلين عن الفرق؛ فإن إجابة كل أسئلة تـقريب الهوة بين الكتالوجين تكمن في فرق موقفي النشاز في الحالتين! تظهر في نظرة الاحتجاج الأولى والتهكم الثانية! تبرز في القدرة على مراوغة العقوبة هنا وتطبيقها على كل أحد هناك.