الدمام: نورة الهاجري

توصيات باستحداث هيئات لإدارة الكوارث وإنشاء 'نوافير مائية' وإيقاف 'الكسارات'

أكدت باحثة سعودية أن الأرض في شبه الجزيرة العربية مصابة بمرض متلازمة الغبار كمتلازمة مرضية تشبه المتلازمات في الإنسان، وأن العواصف الترابية مرض من 16مرضا مصابة به الأرض، مرجعة الأسباب إلى ما يقوم به الإنسان على سطحها من استخدام سيئ للتربة، مستبعدة التقسيمات الجغرافية السياسية بين الدول، ومعتبرة سطح الأرض كائنا حيا مصابا، مع احتمالية طمر الرمال لمدن وسط شبه الجزيرة العربية في المستقبل وسط توقعات بازدياد تلك العواصف الترابية وطمر الرمال المنشآت كالطرق، واقتلاع الأشجار، والأنوار، وانتشار البكتيريا والكوارث إذا لم يتم وضع حلول جذرية لها.
ودعت الباحثة الجغرافية أستاذة المناخ الطبيعي والتطبيقي المشارك بجامعة الدمام الدكتورة بدرية الحبيب، علماء المسلمين وعلماء العرب في تخصصات الأرصاد إلى التكاتف والتعاون مع الأجهزة الحكومية للاهتمام بالتطوير التقني للعواصف الترابية، وعدم الاعتماد على دراسات عالمية من الدول الأجنبية؛ لقلة عدد المهتمين بتقنية وتطوير الأبحاث المتخصصة بذلك بها لعدم تأثر أراضيها بالعواصف الترابية والرياح الرملية بشكل سلبي مما لا يسبب لها الضرر المباشر.
وكشفت الحبيب لـالوطن أن رصدها للمناخ أوضح لها تغير اتجاه الرياح مؤخرا على شبه الجزيرة العربية بعد ثبات اتجاهاتها عشرين عاماً، مما استدلها على تغير أماكن مراكز الضغط ، ومواجهة بين الهواء البارد الثقيل والضغط المرتفع، مما يؤدي لهبوط الهواء البارد وحدوث عواصف ترابية عنيفة وازديادها، مما أدى إلى دفن بعض المنشآت في بعض المناطق كالطرق مشيرة إلى أن آخر عاصفة ترابية أصيبت بها المملكة ارتفعت لـ3 كلم في السماء.
وأشارت في بحثها، إلى أن الشعور المتزايد بالأتربة والصحراء ناتج عن نمو المدن وزحف الإنسان وتوسعه نحو الصحارى، مرجعة السبب الرئيس إلى استخدام الأنسان للتربة بشكل سيئ.
وعن توقعاتها البحثية، قالت إن الرياح المتوقعة في الفصل الربيعي المقبل هي عواصف ترابية حيث تنخفض الضغوط الجوية المحلية نتيجة لارتفاع درجة الحرارة لنمو المدن وكثرة استخدام الملوثات الهوائية والآلات والسيارات مما يزيد من درجة حرارة المدن والتي تؤدي لهبوط الهواء البارد الثقيل المحمل بالعوالق الترابية التي يمكن أن تبقى في الهواء لمدة تصل إلى 30 ساعة وهي غالبا من صحراء الدهناء المصدر العالمي وأكثر الصحاري المسببة للرمال والأتربة والغبار التي تتجه إلى وسط المملكة وشرقها، معتبرة مدينة حفر الباطن أكثر المحطات تأثراً بالعواصف الترابية العنيفة، مستبعدة تأثر الغربية لوجود مرتفعات الحجاز والتي تحجز الغبار عن تلك المناطق.
وأرجعت الدكتورة الحبيب، أهم الأسباب المؤدية للتصحر إلى حالة الفقر التي يعاني منها عدد من الدول الزراعية التي تصاب بتفكك التربة والانجراف والتملح مما يتسبب في إجهاد الأرض جراء استخدامها بشكل متواصل من قبل الإنسان في الفلاحة والزراعة وتسميد الأرض وتزريعها كل عام دون إراحتها كتربة، مضيفة أن من الأسباب موقع المملكة الجغرافي الواقع في منطقة متوسطة لمناطق تكثر بها الحروب والهجرات، الأمر الذي أدى إلى ازدياد عدد الفقراء واستزراع مكثف للأرض من حولها.
وأشارت إلى عدم تمكن المجتمع الدولي من تطبيق قوانين منظمة التجارة العالمية حيث تقرر كل من الدولتين المستوردة والمؤثرة في الاقتصاد العالمي وهما الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث تحدد بعض المنتجات التجارية من بعض الدول بمنح تراخيص سلع منخفضة التسعيرات رغم ندرة تلك المنتجات، كما يتسبب استزراع الأراضي بشكل مستمر ومتواتر دون إراحتها لرفع الدخل من المنتج الزراعي، والذي يؤدي إلى تفكك التربة ومرض الأرض وازدياد نسبة التصحر في المنطقة.
وقدمت الحبيب في بحثها حلولا لإيقاف الأسباب وتقليل إمكانية احتمال كوارث مناخية وهي استحداث إدارة الكوارث الطبيعية، وهي مجموعة من هيئات تتناول بها الظاهرات الأرضية وأسباب المشاكل مع حلها وتكاتف عدد من الجهات وعدم الاعتماد على مؤسسات فردية كالأرصاد فقط وإنما تكاتفها مع الدفاع المدني والطوارئ تحت مظلة الإدارة، كما أوصت باستحداث أنظمة إنذار تكون مسؤولة عنها الإدارة.
ومن الحلول أيضاً، تكثيف استخدام النوافير المائية كون المدن جافة، والتي تخفف من حدة الأتربة والغبار، وإضافة حلول لوقف زحف الرمال إلى الحلول التقليدية كتغطية المسطحات الرملية بالبلاستيك من خلال إعادة التدوير للقنينات البلاستيكية، والتي تشكل غلافا بثقوب لتنفس التربة إلى جانب تكثيف الحلول السابقة من التشجير وصب القار.
واقترحت، التوجه الرسمي وتسخير الدراسات داخل الجامعات المهتمة بالرمل ونوعه، لدراسات علمية في جدوى استخدام الرمل كمنتج صناعي في التصنيع، بدل من استيراد الزجاج وإقامة مصانع لذلك، كما دعت الباحثة في توصياتها إلى أمر رسمي بإيقاف عمل آلات التكسير التي تقوم بتحويل الصخور إلى رمال في الأراضي الكبرى خارج المناطق السكنية رغم وجود كميات رملية تسد الحاجة.
بدوره، أكد مؤسس جمعية البيئة بالمملكة، ورئيس عالم البيئة الاستشارية الدكتور إبراهيم عالم أن تطورات الأرض وتغيراتها أمر طبيعي ولا يمكن إيقافها أو الحد منها مهما تمت المحاولات، مشيرا إلى أن الغبار المتزايد يتطور بشكل سريع حسب تغيرات وجه الأرض؛ حيث إن الزحف القاري كائن بصرف النظر عن الأسباب، محذرا من الانجراف وراء الآراء التجارية في التدخل في الحركة الطبيعية لكوكب الأرض داعيا إلى التعقل وفهم المشكلة قبل محاولة حلها، مستبعدا إمكانية حل المشاكل دون الوقوف على أسبابها.
مشدداً على أنه لا يمكن التحكم بالطبيعة وإنما التوجه إلى تخضير المدن وزراعة الأشجار للحد من التصحر؛ هذه هي الفكرة الجمالية والمعالجة بنفس الوقت حتى يتم الحد من العواصف أومن تأثير الغبار عليها.