هل هي بالضبط، أنجع آلية إدارية مناسبة، أن يرفع سمو الأمير هاتفه إلى الوزير ليناقش معه أسباب وفاة مريضة لنقص الأوكسجين مثلما كان بالأمس في خبر الأمير سعود بن عبدالمحسن ومعالي الوزير؟ هل انتفت الحلول الإدارية كي نأخذ ـ أميرنا ـ هنا في عسير، مثالاً، من بين ملفاته ومهامه الجوهرية الهائلة لنطلب منه أن يهاتف وزارة الشؤون البلدية لوقف مسلسل تجاربها الإدارية لكوادرها العليا هنا لنصف عقد من الزمن؟ هل بات الهاتف وسيلة وحيدة لأطلب من مسؤول التعليم أن يلتفت إلى هذا التضخم الهائل في أعداد الطلاب في الحي الذي تضاعف في الأعوام الخمسة الأخيرة ما لا يقل عن خمس مرات دون إضافة فصل دراسي واحد؟ هل بات المعروض ـ في يد المواطن هو الوسيلة الإدارية الناجعة كي يلتفت مسؤول ما إلى حاجة خمسة آلاف مواطن في قراهم إلى طبيب وعيادة؟ هل نحتاج لأن يكون الطابور ـ وسيلة إدارية كي نقول للمسؤول إن حارتنا خارج أسوار البلدية تماماً تماماً منذ 15 عاماً متصلة وبلا بلاطة رصيف ولا حتى رشة أسفلت ونحن نسير كالبط الأعرج في آلاف الحفر المخجلة بهذه الشوارع؟. وبكل اختصار: هل أصبح الهاتف والحنجرة والمعروض والطابور هي القوانين الإدارية السائدة كي نلفت أنظار المسؤولين إلى ما يقدمونه من خدمات متهالكة؟ وللذين طاروا في (العجة) بمسؤول من صحة حائل قدم استقالته سأقول عكس ما قاله الكل: لا. لا. بل حاسبوه لأنه كان بالوظيفة لتسع سنوات متصلة ولم يقدم لنا مع ورقة استقالته من المنصب كشفاً بما فعله كي تبرأ ذمته من تبعات الكارثة. ومع بعض هؤلاء المسؤولين، في نماذجي بعاليه، حاسبوا الذين حولوا ـ المواطن ـ إلى متسول أمام مكاتبهم بدلاً من أن يلعب هذا المواطن دوره الحقيقي كرقيب على أداء هذه الأجهزة. حاسبوا الذين سرقوا الشارع ثم حولوه إلى حفرة. الذين لم يسألوا عن حبة العلاج الجوهرية في صيدلية الحكومة رغم أن الحكومة تشتريها بالملايين. الذين جعلوا من الأوكسجين (حالة وفاة) رغم أن الله لم يخلق شيئاً أرخص من الأوكسجين. حاسبوا كل الذين يسرقون أجمل وأنبل وأكرم وطن على الأرض من عيون أهله. الذين حولوا المواطن إلى مجرد معروض متحرك.