العيد الذي كان يجلب السرور إلى قلوبنا لم يعد كما كان في أذهان شبابنا وشاباتنا، الضحك والمرح لم يعودا حاضرين في عيدهم، فبعد أدائهم لصلاة العيد ترى رؤوسهم مطأطأة، بالكاد يبادلونك النظرات والابتسامات
عيدكم مبارك، وعامكم مبارك بحول الله تعالى. في لحظة إمساككم لهذه الصفحة، نكون قد احتفلنا بعيد الفطر المبارك بإذن الله سبحانه، تقبل الله صيامنا وعبادتنا، وأعاده علينا بعظيم فضله وبركاته، نحن وإخواننا المسلمين في فلسطين وسورية وبورما واليمن وفي كل مكان. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عيد الفطر، وعيد الأضحى، من المناسبات العزيزة علينا جميعا، فهي تحمل في طياتها ذكريات مفعمة بالبهجة والفرح، فالطفل فيها كان ينتظر العيد بفارغ الصبر، يستيقظ قبل أوانه، ويترقب استقبال أحدهم، لعله ينال ابتسامة لها معنى خاصا. إنه العيد، إنه يوم يدلل فيه الأطفال، فكثير مما هو بحكم الممنوع كاللعب طوال النهار أصبح مباحا، بل مقابلة أطفال الجيران أمام الساحات الخارجية للمنازل، والذهاب مشيا على الأقدام لمحلات البقالة، بهدف شراء كميات هائلة من الحلوى أصبح مسموحا، بعد أن كان بحكم المحرمات، أما لبس الأطفال للجديد من رؤوسهم وحتى أخامص أقدامهم فهو مظهر من أهم مظاهر العيد، التي تطبع الابتسامة على وجوههم، ولا يمكن أن أنسى العيدية، فعلى بساطتها كانت تفرح قلوب الأطفال، وكان بعضهم يتباهى بامتلاكه لريالات جديدة.
هذه هي مظاهر العيد، التي كنا نتعايش معها، وقد تغير بعضها مع الأسف، وخفتت بهجة البعض الآخر، ولكننا بحمد الله نعلم أن أسرا تعيش بيننا تعد لاحتفالات العيد قبل رمضان، فتنظم حفلا يضم الرجال، وآخر يخصص للنساء والأطفال، وفي هذا تعقد السجالات الشعرية والمسابقات الثقافية والحركية، وتقدم هدايا مجدية للأطفال والشابات، وقد يستمر الحفل ساعات تتخلله وجبة طعام، هذه الاحتفالات رائعة وممتعة، ومن جانب آخر، أجد احتفال بعض الدوائر الرسمية بعيدي الفطر والأضحى، والذي يجري في إجازة مخصصة للعيد، مملا للغاية، إذ لا يحمل إلا تهنئة الرئيس بالأعضاء ثم تناول وجبة الطعام، ثم الانصراف، وهذا كما أراه عزاء بثياب مزخرشة.
ويجدر بي أن أتوقف عند صورة يراها أغلبنا هذه الأيام، صورة تظهر ـ والله أعلم ـ أن الاجيال المتتالية من النادر أن تتقابل في فهمها للكثير من القضايا، ومنها الاحتفال بهذه المناسبات، فالعيد الذي كان يجلب السرور إلى قلوبنا، لم يعد كما كان في أذهان شبابنا وشاباتنا، فالضحك والمرح لم يعودا السمتين العامتين في عيدهم، فبعد أدائهم لصلاة العيد يصبح الجوال رفيقهم الأوحد، فرؤوسهم مطأطأة، بالكاد يبادلونك النظرات والابتسامات.. تنظر إليهم فتشعر أنك في بلاد الأشباح، فحتى سلامهم قد يصلك جافا، كما أن شبابنا من الذكور، يصرحون أن عيدهم لا يتم إلا بالانضمام للرفقة والأصحاب، فبعد صلاة العيد يعم السكون الأرجاء، حتى أطفالنا أصابهم فيروس الجوال، فأدمنوا على النظر إلى شاشته ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ وهكذا أصبحت المراسم الاحتفالية في العيد يؤديها الكثير من أبنائنا بدافع الواجب ليس إلا.
وفي هذه المناسبة أتوجه إلى لجنة التنمية الاجتماعية حي الروضة في الدمام بالشكر الجزيل، فقد نظمت فيها شابات سعوديات متطوعات من المنطقة الشرقية، وبإمكانات متواضعة معرضا يقدم كساء وحلوى العيد للأسر البسيطة، وكانت المشاركات في هذا المعرض سواء متطوعات بشكل عيني أوبجهد بدني كمنظمات للمعرض، ومستقبلات للأسر لطيفات للغاية، يقبلن مرحبات ومشجعات لكل من يقبل عليهن، ويعرضن خدماتهن على كل الأطفال والنساء، في محاولة منهن لرسم البسمة على وجوههن، وإمعانا في إسعاد الأطفال، قام بعضهن بوضع بضعة ريالات في أكياس الحلوى التي ستوزع على الأطفال بمناسبة العيد.
والحقيقة لا أفهم من أسعد الآخر، أهن أسعدن الأسر البسيطة، وجلبن لها الفرح؟! أم أن هذه الأسر هي من حققت لهن السعادة والبهجة، ونثرت في وجوههن النور؟! فجزاهن الله على عملهن خير الجزاء.
وعلى حد علمي هذه اللجنة تعتزم القيام بنشاط مماثل في السابع من شوال تحت عنوان الحقيبة المدرسية، وهي ترحب بكل متطوعة ترغب في تخصيص جزء من وقتها، لهذه الغاية، ففي هذا اليوم ـ وبإذن الله سبحانه ـ سيقدم للأطفال بنين وبنات شنط تحوي أهم مستلزمات المدرسة، من دفاتر وقرطاسية بما فيها أدوات الرسم والفنية.
أتمنى أن تجد هذه اللجنة الدعم والرعاية، خاصة أن هذا النشاط قائم على يد شابات يافعات، بل يضم أيضا طفلات متطوعات يساعدن وبحماس شديد.
ومع شدة فرحي مشاهدة صور لنشاطهن إلا أنني حزنت، فالمكان لا يقوم ـ بعد الله سبحانه ـ إلا على جهود فردية لفتيات حديثات السن، لا تدعمهن أي من المؤسسات الخاصة، بل لا يوجد لديهن دعم إعلامي، تلك الأنشطة تقوم على متطوعات يشترين الثياب على اختلافها، ويحضرن ثيابا من خزائنهن الخاصة، ويحاولن عرضها بشكل جذاب يرضي الذوق العام، والأجمل أنهن يرفضن استقبال الثياب التالفة، فما يقبل للعرض لا بد أن تتوفر فيه شروط معينة من الجودة والنظافة، وجدير بالإشارة هنا أن هذه اللجنة تستقبل المتطوعات من خارج الحي وترحب بهن.
وكما ذكرت أنفا سيبدأ خلال أيام نشاط آخر لهذه اللجنة الإنسانية التنموية، وسيشهد حي الروضة بالدمام حراكا اجتماعيا تنمويا رائعا لمجتمعنا، الذي ربى بناته وأبناءه على قيم الخير والعطاء، فأقبلوا على العطاء بصمت يرجون رحمة الله سبحانه ورضاه، ومع يقيني أن هناك لجانا تنموية مماثلة في أحيائنا تقوم بأنشطة اجتماعية، إلا أننا نتطلع لمشاهدة أنشطة كهذه في كافة أحيائنا ودون استثناء.. وكل عام وأنتم بخير.