قبل عدة سنوات أنشئ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أحدث نقلة نوعية وساهم بشكل جذري في حل المشكلات واختصار المسافات وتقريب وجهات النظر والتفاهم والإقناع لجميع شرائح المجتمع، سواء على النطاق الأسري أو التعليم أو في تعزيز الأمن الوطني، وكذلك الإعلام بجميع مجالاته.
إن الحوار الوطني ليس كما يظن البعض مجرد عقد محاضرات وندوات فقط؛ فالمتتبع جيداً لهذا المشروع الناجح يجد أنه سعى إلى نشر ثقافة الحوار وتبادل الأفكار والآراء واحترام وجهات النظر بأسلوب راقٍ وهادئ، في أجواء مفعمة بالحب والاحترام حتى أصبح أسلوباً من أساليب الحياة، وحرص هذا المشروع على ترسيخ الوحدة الوطنية والمحافظة عليها، وأصبح المواطن الآن لديه دراية واسعة بمعرفة الحوار وطريقته وأسلوبه، وأنه يحسن نظام الحياة ويجنب الإنسان الوقوع في الأخطاء، ويسعى إلى أن يكون الإنسان لديه فكر ناضج وقرار صائب ورصيد وافر من المعلومات والمعارف، وينعكس ذلك إيجاباً على تعامله مع أسرته في المنزل؛ بحيث يتعامل معهم بالتفاهم ويسمع منهم الآراء والمقترحات بعيداً عن القرارات الفردية، كذلك على المستوى الاجتماعي والوظيفي والإعلامي نرى أن ثقافة الحوار بدأت تظهر للعيان، واختلف تفكير كثير من الناس في طريقة التعامل مع بعضهم البعض، وكذلك وجدنا بعد عدة سنوات من إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني اختلافاً واضحاً وملموساً في طريقة تعاملنا مع الآخر إلى الأفضل؛ حيث أصبح بيننا وبين الآخر حوار بناء وتفاهم رغم اختلاف المذاهب والعادات والتقاليد والديانات، وتفهم الآخر بكل وضوح ما نحن عليه وماذا نريد، وأننا أمة مسالمة تسعى إلى أن يكون هدفها الأمن والاستقرار واحترام كرامة الإنسان وتقديم سبل الراحة والخير والسعادة له.
والآن نجد أن هذا المشروع وهذا الخيار النجاح أصبح ذا قاعدة عريضة ومرتكزا قويا لبناء الإنسان وفق نظم وخطط مدروسة وتفكير بعيد عن العشوائية والفوضى. حيث أعدت لهذا المركز طاقات بشرية مؤهلة لديها الكثير من الأساليب الجيدة في إدارة الحوار وعقد الندوات وإقامة المحاضرات وإعداد الدراسات وطباعة الكتب وإقامة المعارض ومناقشة البحوث المقدمة التي تصب في مصلحة الحوار الوطني ويستفيد منها جميع شرائح المجتمع بإذن الله.
إن الحوار الوطني أصبح اليوم ضرورةً ملحةً وخياراً استراتيجياً هاماً ورافداً من روافد التقدم الفكري، وسلماً نرتقي به إلى أن نكسب احترام أنفسنا واحترام الآخرين، وسياجا يحمينا بإذن الله من الوقوع في الأخطاء.
فالمطلوب منا أن نفعِّل معنى الحوار بيننا وبين الآخرين على مختلف شرائحهم، وأن نجعل من كلمة الحوار شعارا نلتزم به جميعاً في جميع أمور حياتنا، فكل هذا لا يزيدنا إلا علواً وشرفاً وعزة وكرامة، فبالحوار تسود المحبة وتحمى الأوطان وتزول الخلافات وتحفظ الممتلكات ويعم الخير والأمان.

سلطان مناع العمري
تعليم الرياض