في معادلة الصراع الدائر في سورية، يعطي الإعلام مؤشرا واضحا على مسألة الحق والباطل، ففي الوقت الذي لم يسمح فيه النظام السوري لوسائل الإعلام الدولية بتغطية الأحداث إلا لقنواته بالإضافة لإعلام إيران وحزب الله، ها نحن نرى خلال الفترة الماضية وسائل الإعلام الأخرى ترافق كتائب الجيش الحر في المدن السورية. ومن ذلك نلاحظ الحضور القوي لمراسل قناة الجزيرة أحمد زيدان ومراسلة قناة الآن جنان موسى ومراسل سي إن إن العربية في حلب.. بالإضافة لتشكيل كل من العربية والجزيرة فريق مراسلين يتكون من عدد كبير من المواطنين في المدن والقرى صاروا يعملون لهما من المواقع التي يقيمون فيها، فاكتسب الإعلام العربي خبرات جديدة سوف يستفاد منها بعد سقوط النظام وانتهاء الأحداث وبداية إعادة إعمار سورية.
قيام النظام السوري بمنع وسائل الإعلام من التغطية في المناطق التي يسيطر عليها يؤكد أنه على باطل، ويريد إخفاء الحقائق كي لا يعرف العالم باطله. وسماح الجيش السوري الحر للإعلام بالتغطية بكل حرية في المواقع التي خرجت عن سيطرة النظام يؤكد أنه على حق، ويريد لقضيته ولمعاناة الشعب من النظام أن تصل إلى العالم.
قبل تصاعد الأحداث ووصولها إلى مرحلة حمل السلاح، كان النظام يسمح لبعض المراسلين الموجودين على قلتهم بالتغطية في الوقت والمكان اللذين يحددهما بمرافقة رجال الأمن من العناصر المنتمية إليه، كما حدث في بعض الأحداث والتفجيرات المفتعلة، وفي الوقت نفسه يمنع ذلك المراسل من الحديث عن مظاهرة أو تصويرها، ومن ذلك حالة مراسل العربية حنا حوشان في تقرير له عن بعض أحداث مدينة جسر الشغور. والنظام في ذلك يعتقد أنه استطاع السيطرة على الإعلام. لكن استمرار القتل من جهة والتخلخل في بنية الدولة من جهة أخرى فتحا كثيرا من الثغرات، ما أدى نتيجة عدم فهم النظام لمتغيرات العصر إلى عسكرة الثورة التي بدأت سلمية.
اليوم، ما زال النظام مستمرا في سعيه لحجب الحقائق عن الإعلام، فهو يتعمد قطع الكهرباء والاتصالات والغذاء عن المدن المحاصرة، معتقدا أن جرائمه ستدفن في أماكن حدوثها، وكأنه لم يعرف بعد أن باطله صار حديث الكرة الأرضية التي يتهمها بالتآمر ضده.