السياحة ليست مجرد فندق أو مطعم، بل هي منظومة متكاملة من الخدمات والأنظمة، وغير ذلك من المتطلبات، لكن الأمر يتجاوز كل ذلك، باختراع ما يطلق عليه بمواقع الجذب السياحي.
قبل سنوات قضيت مدة طويلة في مدينة ألباكركي Albuquerque، بولاية نيومكسيكو (جنوب غرب أمريكا)، وهي مدينة صحراوية، يفترض أنها خالية من مواقع الجذب السياحي، ولكن ما إن طلبت من مضيفي الصديق خالد المعيقل عرض مقترحاته السياحية، حتى قدم مجلات وكتيبات كثيرة حول ما يمكن أن نقوم به في هذه المدينة غير السياحية، لكنه أصر بشدة على جولة الأشباح!!
الجولة لا تبدأ إلا عند منتصف الليل، وتستمر لمدة تسعين دقيقة حينما تبدأ الأرواح الشريرة بالتحرك وسط المدينة القديمة، وتعتمد الجولة الراجلة على التحرك وسط المنازل والكنائس القديمة، والتعرف على التاريخ الشفهي لتأسيس المدينة، وتحديد مواقع الأشباح، التي ظهرت بسبب حالات انتحار معروفة، أو ضمن جولات الحرب الأهلية الأمريكية، بل يحدد مرشد الجولة أسماء الأشباح ومدة ظهورهم، طبعاً لا يخلو الأمر من قفشات مضحكة، واستطراد تاريخي لطيف، والأهم من ذلك أن مرشد الجولة يصّر على أن يحمل المشارك كاميرا ذات فلاش ضوئي، لعل الحظ يحالفه ويلتقط صورة لأحد الأشباح المفترضة! أو لإحدى الظواهر المحيّرة، وتخيل أن تكلفة هذه الجولة 20 دولاراً (75 ريالاً) فقط.
لقد استطاع الأميركان وبحسهم التسويقي المبهر اختراع جولة سياحية من لا شيء، تجذب نحو قضاء وقت ممتع، بين جدران خرائب لا يستفاد منها، والأهم من ذلك إثبات أنه بالإمكان تسويق أي موقع ما بشكل سياحي، بشرط أن تتوافر الرغبة والفكرة، وهو ما ينطبق بشدة على مُدننا السعودية، ففيها من المواقع والآثار ما يمكن استغلاله بشكل تجاري وسياحي مبتكر، بحيث يكون قبلة لسكانها قبل سُياحِها.