الطب من أشرف وأرقى المهن الإنسانية، وكثيرات منا راودهن حلم بأن يصبحن يوماً ما طبيبات كي يعالجن المرضى ويرسمن البسمة على شفاههم.. هكذا كان تفكيرنا البريء.
لم نكن نعلم ما يدور حولنا وما يخبئه لنا الزمن.. لم نكن نفكر ولا للحظة بأن هنالك من سيقف أمامنا لمصادرة حلمنا الجميل بحجج واهية مثل السراب. وما هي أسبابهم؟ ولماذا لا يدعوننا وشأننا؟!
أهم أسبابهم هي نظرة المجتمع نظرتهم لمهنة الطب بأنها مهنة قابلة للاختلاط، وأنها تتسبب في الفتنة، وهذا ما يسبب إثارة الغيرة والشك والريبة في نفوس البعض مما أدى لعدم الارتباط بالطبيبة، مع أنه يفترض بالرجل سواء كان والداً أو زوجاً أن يفخر بأن لديه ابنةً أو زوجةً في يديها أشرف مهنة إنسانية.. فلماذا هذه النظرة السلبية؟! ومن عجب أنهم يذهبون إلى المستشفى يبحثون عن طبيبة كي تعالج نساءهم ويتجنبون معالجتهم من قبل طبيب، وفي نفس الوقت يرفضون بأن يدخلوا نساءهم الطب.. فلماذا يبحثون عن طبيبة؟!
ومن الواقع: فتاة في مقتبل عمرها حالمة وطموحة من صغرها.. تخرجت من الثانوية العامة بنسبة مرتفعة جدا، وبعد عناء سنوات طويلة فرحت واستبشرت ولم لا وهي على بعد خطوتين على بلوغ حلمها الكبير وهو الالتحاق بالطب.. ماذا كان موقف عمها من ذلك؟ اتخذ موقفا عدائيا بأنه سوف يتبرأ منها. فإذا كانت هذه نظرة الأقارب إلى ذويهم فكيف بنظرة المجتمع؟!
لماذا لا تزال هذه النظرة السلبية؟!
كنت ولفترة ليست ببعيدة أرى أن هذا الموضوع بات قديما وأننا الآن في عصر التطور والانفتاح، وأن مجتمعنا السعودي واع ومثقف ولكن للأسف تغيرت نظرتي كلياً.
فإذا كانت هذه نظرة المجتمع تجاه الطبيبة أو الممرضة.. وسنقف عند هذه النظرة فلماذا لا تخصص الحكومة جامعات متخصصة لدراسة الطب دون اختلاط، وفيما بعد تخصص أقساما خاصة للنساء بالمستشفيات؟ ولأن ديننا الحنيف أمرنا بطلب العلم فهل دراسة الطب للنساء وتهيئة المناخ المناسب لذلك لا تندرج ضمن هذا العلم؟! وأيضاً لماذا لا يساعد القطاع الخاص في ذلك؟!
ليس هنالك شيء مستحيل إذا كان هناك فكر واع ونظرة متفهمة، خاصة وأن المجتمع السعودي بحاجة وبشدة إلى طبيبات سعوديات هن أقرب معرفة وإدراكاً بطبيعة أخواتهن السعوديات.. فلماذا التعنت؟! وإلى متى سوف نسكت ومجتمعنا كل همه القيل والقال؟!
وصايف عبدالله قماش