على الرغم من التطور الذي تشهده الدراما الخليجية والجهود الكبيرة المبذولة فيها إلا أنها تحتاج لأن تنقّى من شوائب تخالطها، وفي مقدمتها الابتعاد عن إنتاج الأعمال الهابطة التي لا هدف لها إلا استجلاب ضحك الجمهور بطريقة ممجوجة، ربما تأثر أسلوب أصحابها بما كان يقدم من أعمال أيام بداية صناعة الدراما الخليجية من غير انتباه إلى الاختلافات الزمانية وتغير مستوى ذائقة الجمهور، وتطور كتابة السيناريو إلى مستوى الاحترافية وليس الارتجالية التي نراها في كثير من الأعمال المنتجة خلال السنوات الماضية، كما في شفت الليل وغشمشم وسكتم بكتم.. وغيرهم مما لا يخرج عن نسق التهريج.
تلك النقاط لم تحضر – ربما لتشعب الحديث - في الندوة الرمضانية التي نظمها مركز الشارقة الإعلامي عن هموم المسرح والدراما الخليجية نهاية الأسبوع الماضي بقصر الثقافة بالشارقة بمشاركة الفنانين الكويتي سعد الفرج والإماراتي أحمد الجسمي، وأدارها الفنان الإماراتي مرعي الحليان بادئا بالتساؤل عن أسباب كون مسلسل درب الزلق ما زال أيقونة الدراما الخليجية رغم مرور عقود على إنتاجه، ورأى الفرج أن رسالة المسلسل الهادفة من أهم أسباب نجاحه، بالإضافة إلى أن إنتاجه نبع من حب العمل وليس المتاجرة. فيما أشار الجسمي إلى الفارق الزمني وسهولة الانتشار هذه الأيام.
إضافة لما ذكر في الندوة كالمسألة التجارية وبيع الأعمال وعدم الاعتماد على الوجوه الشابة، ثمة أمور أخرى جعلت سوية الدراما الخليجية تهبط، ومنها تلك الشخصيات الكوميدية التي نشأت بحسن نية منذ الستينات والسبعينات وتكرست حركاتها لدى الجمهور آنذاك، وصارت مثالا لأجيال فنية لاحقة لم تتنبه إلى تغير الزمن وضرورة مواكبته بشخصيات أكثر نضجا لمماشاة المراحل المتطورة لوعي الجمهور، إذ استمر تقليد الكاركترات القديمة وصولا إلى يومنا هذا، فشخصيات درب الزلق مناسبة لعصرها، ولو قدم المسلسل اليوم قد يكون تقبل الناس على غير تقبلهم له ذات زمن.
في المحصلة، يبقى تطور الدراما مرتبطا بتطور الذائقة العامة للناس، فإن لم يتوقف الهبوط بالمستوى، فإن الذائقة ستصبح في مأزق. فعامة الناس ليسوا كالنخب في تقييم الأعمال، وما يضحكهم اليوم، قد تأتي أجيال فيما بعد لتصب جام غضبها عليه. لذلك على صناع الدراما جعل الارتقاء بالدراما هدفا مثل الربحية التي يبحثون عنها.