المدينة المنورة: أحمد عبدالكريم

فراغ داخلي .. من الممكن أن تصادف في بعض الأحيان أو غالبا من هم على شاكلة ( الفاضي يعمل قاضي)، وربما تشعر بالاستغراب أثناء موقف ما، أو تتعجب من ردة فعل حيال تصرفات غير مسؤولة من قبل البعض سواء كانت قولا أو فعلا. هذا ما يحدث من فئة قليلة كعادة يتلقفونها، ومع الأيام وتوالي الأحداث أصبحت هذه العادة ظاهرة، لابد من معرفة أسبابها وإيجاد حلول منطقية لها. هذا الشيء المستشري أو العجب العجاب، هو مراقبة الناس ومتابعة شؤونهم لمجرد الفضول لا أكثر ولا أقل. والتي تُلاحظ في التجمعات البشرية دون مبرر لها عند حوادث السيارات أو حريق المنازل أو عند المخاصمات القوية بين الأفراد وقائمة الأمثلة تطول ... بقي التساؤل ... لماذا التجمهر والضجيج ؟ للمشاهدة أم للتشجيع أم للتصوير أم لفراغ ذاتي لم يشبع ثقافيا أو علميا، بل هو يدل بحد ذاته على فراغ داخلي يعاني منه المتطفلون، لم يجدوا لفراغهم هذا سوى مراقبة الناس، والوقوف موقف المتفرج دون أي مساعدة، بقلوب جامدة بل وتتجاوزها إلى لا مبالاة بالتقاط الصور أو تصوير فيديو لحادث أو لمصاب. ربما لم يسعفهم الحظ !! بالتعرف على المثل (من راقب الناس مات هما ) ولم يفهموا معنى ( دع الخلق للخالق ). تشير مدلولات هذه العادة أو الظاهرة إلى أنها تعود ربما إلى تدني الثقافة، أو التجرد من المسؤولية، أو للجهل، أو للفراغ العاطفي، وغياب الرقابة، وبطء التفاعل - كما هو معتاد - مع المواقف من قبل الجهات ذات العلاقة بالحادث. وحين حصول الأحداث الغريبة لا تتوقف على الجمهرة فقط بل يترتب عليها أيضا أن يستغل ذوو النفوس الدنيئة التجمع لسرقة السيارات المتعرضة للحادث والأمتعة التي تحتوي عليها، حتى وإن كان الحادث أليما وتوجد به وفيات ... وتتيح معرفة أسباب هذه الظاهرة إيجاد الحلول والأساليب الناجعة لتلاشيها، والتي تتلخص في توعية الناس إعلاميا، وإشغالهم بالأمور المهمة لهم ولمجتمعهم كافتتاح مراكز للأحياء تحتوي على نشاطات رياضية واجتماعية وثقافية، وإقامة الندوات في النوادي والمجمعات التجارية، وتكثيف المحاضرات في المدارس والجامعات. لكي يتم الوصول بالمجتمع إلى الحضارة المحمودة والتطور المدروس بمعناهما الحقيقي.