لم يبق أحد إلا وكتب عن مسلسل عمر، ونظر وتفلسف وقال ما في جعبته وما ليس فيها، لكن العمل الدرامي الأضخم عربيا

لم يبق أحد إلا وكتب عن مسلسل عمر، ونظر وتفلسف وقال ما في جعبته وما ليس فيها، لكن العمل الدرامي الأضخم عربيا، ما زالت دهشة إخراجه وإمكاناته قادرة على إبقائه في دائرة اهتمامات العرب، أو غالبيتهم، وما زال بمقدورها بعث الكثير من الأسئلة والتأملات والمشاعر والرؤى.
الانتقادات، والفتاوى، والإعجاب والإطراء، تتواصل إلى هذا اليوم، وإلى هذه الحلقة الرابعة عشرة التي ستعرض هذا المساء، ولكن ألم يلفت انتباهكم خلو العمل من أي ممثل مكي، سعودي أو خليجي، أو من أي قطر من أقطار شبه جزيرة العرب؟.. هذا المكان المحوري في قصة حياة الفاروق، رضي الله عنه، وهو ما يعرف بأرضية الحدث ومكانه؟
ظللت طوال الحلقات التي شاهدتها من مسلسل عمر، أتفرس في وجوه الممثلين، لعل وعسى أجد سحنة أعرفها، وتعرفها جيدا حكاية عمر بن الخطاب. فلم أجد سوى أمية بن خلف، الممثل القطري غازي حسين، الذي قتله بلال في الحلقات الأولى من المسلسل، بعد تقديمه في صورة كومبارس كامل الخصائص، من حيث هزّة الرأس، وتقليب العينين في المكان، ومن حيث الحركة أيضا.
وفي هذه الحالة، يمكن أن نفهم وجود غازي حسين في هذا المسلسل، على أنه وجود شرفي وليس فنيا، ولا يقوم على أسس فنية درامية حقيقية. وبالتالي، فإن استدعاءه كان من قبيل الحياء، وخجل العين بعد إكرام اليد!
إنها مسألة معقدة بحق.. أين المسرحيون؟ أين الممثلون؟ أين أصحاب هذه المسرحيات الكثيرة جدا التي تقام على مدار العام في كل مدن الخليج تقريبا؟ أين صناعة الدراما في الخليج؟ ألم تنجب ممثلا واحدا على طول تجربتها وعرضها، يصلح لأداء أحد أدوار مسلسل عمر؟ والسؤال الأجدر من جميع الأسئلة هنا: هل يكفي هذا الإفلاس لنعرف حقيقة أننا نعدم الممثل المثقف، الذي يتوفر بكثافة في الشمال الأفريقي، وبلاد الشام، ومصر؟ ولذلك كان من الطبيعي أن يمر غيابنا المخجل عن مسلسل عمر، والمسلسلات التاريخية عموما، دون أن نشعر بما يلفت الانتباه!