اتفقوا على أنها من ركائز الفن المسرحي و التشكيلي والسينما
اختتم جاليري رؤى 32، في عمان بالأردن أول من أمس المعرض الخاص بفن البورترية، الذي جمع 25 فناناً من الأردن والعالم العربي وأوروبا في معرض جماعي استثنائي، بعد تمديد فترة المعرض 10 أيام، تبارى خلالها الفنانون في قراءة تضاريس الوجه الإنساني، وقدم كل منهم مطالعته الخاصة للوجوه التي يرسمها أو يتعامل معها بتقنيات ومواد وأسلوبيات مختلفة.
المشرفة على المعرض الفنانة سعاد عيساوي أبانت أن المعرض شارك فيه من الأردن كل من الفنانين عدنان يحيى، وعمار خماش، وبدر محاسنة، وفؤاد ميمي،ومحمد العامري، ومحمد نصر الله وهاني الحوراني، ومن الدول العربية الأخرى بلاسم محمد، وسيروان باران، وسن الكعبي من العراق، وخالد المز، وعمر الأخرس، وسهيل بدور من سورية، وعياد النمر من مصر، وتغريد البقشي من السعودية، ومن أوروبا إيريك فورموي النرويج، ومونيك فان ستين هولندا، وكونراد روسيت، وغيم تيو،وهارتز، سيرجيو لونا من إسبانيا، وستيفان فيلافان، وديدي ديامة فرنسا، ولانتامو إيطاليا، وأخيراً سيزار بيوجو من كولومبيا ومقيم حالياً في أوروبا.
وقالت : عيساوي إن تنوع مشاركات الفنانين والفنانات من حيث عدد القطع المعروضة لهم، ومن حيث أحجامها والمواد المستخدمة في إنتاجها، فضلاً عن التنوع الشديد في الأساليب، مما يجعل من معرض وجوه نزهة حافلة بالمفاجآت والتوقفات أمام ثراء الموضوع، الذي تتلقفه أصابع الفنانين والفنانات، انطلاقاً من رؤاهم وخلفياتهم الثقافية والفنية الشديدة التنوع، مضيفة أن موضوع الوجوه، أو البورترية، من المواضيع التي شكلت مصدر إلهام الفنانين عبر العصور التاريخية المختلفة، ومع ذلك لم يستنزف اهتمام الفنانين حتى اليوم، بل وازداد إقبالهم على تناوله في السنوات الأخيرة، رغم صعوبته وحاجة كل منهم للتفرد في التعامل معه.
وكان لبعض الفنانين المشاركين في المعرض رؤيتهم الخاصة حول أعمال البورترية، الفنان الأردني محمد العامري قال:
حين يعتلي الوجه قمة الجسد يعني أن له الأهمية الكبرى في تسيد المشهد ، نعرف الأشخاص من أشكال وجوههم ، ونصفهم من ملامحهم ، الوجه خزان الحواس فهو القناع المتبدل في المواقف والعواطف والسرور والغضب، فيقاس الجمال في الدرجة الأولى من جمال الوجه وانسجام مقاطعه، مضيفا أنها مجموعة من الحالات الإنسانية التي تتبادل مواقعها عبر التعبير في الوجه وصولا إلى الحيلة والمكر والدهاء والبهاء والتخفي، أي ما يسمى القناع الذي يتقمصه الوجه للوصول إلى هدف ما. فلم يزل الوجه ركيزة من ركائز الفن المسرحي والفن التشكيلي والسينما، وإن الوجوه هي حالات استقطبت الرسامين عبر التاريخ عبر رصدها بشكل تسجيلي أو القبض على حالاتها الداخلية الأقرب إلى ما تخفيه النفس، الانفعالات الماكرة والساذجة وأشكال القوة والعنف في الوجه ، فهو المحيا الذي يطالعك في الجسد ليعبر عن طبيعة حامله، هو مفتاح للروح ومادة للتقارب والتنافر في آن، فمنها نستطيع قراءة الشخص، نستطيع قراءة النفس ،الوجه الحاد، الوجه الأملس، الوجه الصخري، الوجه القاسي، الوجه الماكر، الوجه الأبله، الوجه البارد والرؤوم، الوجه المنبسط، الوجه المنقبض، الوجه العابس،المتكدر، الوجه الضحوك.إنها الفراسة في اصطياد حالة النفس، الوجه حياة كاملة، كتاب لا ينتهي .
الفنان الأردني عدنان يحيى رأي في الوجه أنه قد يتساوى الفكر مع الشكل واللون في أحلى صورة ، ضمن منطق احتمال وتجانس وجودية الإنسان في أعظم جزء منه، وهو البورتريت في محبة الحياة، ضمن محصلات إنسانية في إطار تطابق تام، منوها أن البورتريه وثيقة للأبد به معان كثيره في ضوء علم المعرفه الإنسانية وفي زمن العولمه، يمكن لنا أن نستخرج - رغم أنفها - الهموم الإنسانية، لتصبح الوجوه ليست مجرد تضاريس ملونة ، بل استجابة للترابط بين الوجداني والوجودي، وأرى أن الوجوه تصبح أقل بؤسا يوم تكف هذه العولمه عن استفزازها وتشويهها، ويوم يقل اعتداؤها على الإنسان ، لهذا أرى أن كل فنان يتكيء على الوجوه في محـاولة الوصول للتعبير عن الآخرين من خلال ذاته ليبقى.
أما الفنان الأردني فؤاد ميمي فقال: الفن والإبداع شيء خاص بالفنان وتأتي أعمال الفنان من خلال تفاعله مع الحياة والإنسان وليس بعيداً عنهما، لذا تبقى الطبيعة والإنسان الملهمين الأساسيين للفنان والهروب نحوهما ليس انحرافاً بقدر ما هو اتجاه نحو أساس متين على مستوى اللون والشكل والخط والقيم الفنية على اختلاف أنواعها، عاشقا للطبيعة والإنسان والوجوه المعبرة ومعبرا من خلالها عن مشاعره وأحاسيسه.
الفنان العراقي بلاسم محمد تحدث عن سيمياء الوجوه: من منا لايفكر شيوعا في تلك الملامح الكونية التي نسميها وجوه؟ إنها عناوين الناس وتميزهم ومسمياتهم وكأنها تقول مالايقال من المسكوت عنه والمضمر والدفين، نقول : وجوه حزينة ، وحادة ، وصاخبة، وفرحة، وبريئة ، نحن نقرأ في ثنايا صفاتها مثلما في ألوانها سمراء وبيضاء وصفراء وسوداء إنها تقع على ذلك الخيط الواهي من القراءة في تمثلات لايمكن معها إلا أن نكون على عتبة الدخول إلى هذا العالم السيميائي العظيم، وما الرسم إلا أحد وسائل القراءة التي تعي بعض هذه الحدود الأولية التي لاحدود لها.
الفنانة السعودية تغريد البقشي،ذهبت إلى: الوجه هو مرآة الروح يجتمع فيه كل ما بداخل هذا الإنسان من مشاعر وأحاسيس، فمهما علا الصمت تلك الملامح إلا أن عاصفة التعبير التي تكتنفها كفيلة بأن تكون أبلغ من أي حرف وأن الوجوه البشرية تشبه البصمات فلو كبرت بصمات مئة شخص وعرضت لرآها الزائر العجل غير المتأني، متشابهة ومتكررة، غير أن المتفحص والدارس والمتأمل يدرك أن خطوطها تكون جزرا تختلف اختلافا كبيرا، وكل بصمة تعد متفردة كل التفرد ولا تطابقها أي واحدة أخرى في العالم.
يذكر أن الجاليري قدم حلقة نقاشية حول موقع البورتريه في الفن التشكيلي المعاصر في العالم العربي، أدارها المصور الفوتوغرافي والتشكيلي هاني الحوراني، بمشاركة عدة فنانين من الأردن والعالم العربي، تحدث فيها فنانون وأكاديميون ومنهم عمر الأخرس، والدكتور مازن عصفور، و الدكتور خالد الحمزة ومحمد العامري وعدنان يحيى والفنان بلاسم محمد من العراق.