الزواج مشروع مهم في الحياة، وهو نصف الدين حيث يعتبر الزواج محطة من المحطات الحياتية المهمة في حياة كل فرد، وهو بالإضافة إلى كونه السبب المباشر لنشوء الأسرة وتربية الجيل الجديد فهو أيضاً من عوامل إيجاد التكامل الروحي والنفسي. وعلى الرغم من كل الضجيج والصخب والحركة المتواصلة في حياتنا إلا أننا نلحظ أن البعض يعاني من غربة شديدة ووحدة قاتلة، مما يضطره إلى محاولة البحث عن أنيس لوحدته. يحاول في كل مرة البدء في رحلة جديدة يتلمس من خلالها الشريك المخلص غير أنه في معظم الأحيان يعود بخفي حنين.
مطلقات وأرامل وعوانس هن الوجه الآخر لنساء يعشن الغربة فيما يتعلق بالشراكة النفسية، وهو مشروع الزواج، هنالك فتيات اقترن بشريك حياة ولكن من باب المجاملة فقط، وقد يكون ذلك الزوج يكبر الفتاة سنا إلا أن نوعا من العادات والتقاليد طغى على موضوع اقترانها ذلك، ونهاية تلك الخطوة في أغلب الأحيان الفشل الذريع.
قد تُجبر الفتاة على الاقتران برجل لا يجاريها عقلا ولا سنا وإنما من باب أن والدها أعطى كلمة لرجل من أحد الأقارب أو الأصدقاء فتستسلم الفتاة للأمر الواقع مكرهة، ليكون والدها مرفوع الراس ولا تكسر له كلمة. كل ذلك تولد بسبب عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، فكم من فتاة اقترنت بشريك حياة وهي مكرهة وفقدت أجمل أيام عمرها.
وللأسف يرى بعض الآباء أن من حقهم إجبار بناتهم على زواج كهذا، ولكنه خطأ كبير، لأن الأسرة الجديدة عادة ما تكون الفتاة محور سعادتها أو شقائها، ومحور التوافق النفسي والروحي بين الزوجين، وعامل الإكراه من عوامل التخريب ليس في الحياة الزوجية فحسب بل في كل مجالات الحياة، وتبدأ مسيرة الزواج الناجحة عبر الاختيار الصائب للشريك والذي يقوم على أساس الرغبة والمودة، وقد نهت الشريعة عن إجبار الفتاة على الزواج بأي شخص مهما كان ما لم تتوفر القناعة التامة لها.
لست ضد التعدد الذي شرعه الله عز وجل ولكني ضد إرغام الفتاة على الإقدام على زواج لا تريده بسبب قناعات والديها أو إخوتها، وهي قناعات يجب التخلص منها، لما يترتب عليها من نهايات مأساوية، الفتاة هي أكبر الخاسرين فيها.
إن من الشروط الشرعية للزواج رضا الزوجة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت رواه البخاري ومسلم. فلا يصح الزواج بدون رضا المرأة، والواجب عليها أن تخبر وليها بذلك دون أي مجاملة، وعلى الولي أيضا أن يخاف الله في ابنته، وكما قيل: لا تعطي وعدا وأنت في قمة سعادتك ولا تتخذ قرارا وأنت في قمة الغضب.