لا أذكر أني كتبت مقالين متتاليين حول قضية واحدة، لكن ما يحدث مؤخراً من انقطاع متكرر في الكهرباء لا يمكن فصل الحديث عنه بمجرد مقال واحد، ما بالك وشركة الكهرباء تبرر الانقطاع بحجج أقل ما يقال عنها إنها واهية.!
فمن قرأ تبرير نائب الرئيس التنفيذي في شركة الكهرباء لانقطاع التيار بالارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة لا يمكن أن ينهيه دون اعتناق أحد استنتاجين: فإما أن الرجل كان يتحدث عن بلد آخر بارد، لا عن بلدنا المعروف بمناخه الحار. أو أن سعادته اعتاد قضاء إجازته السنوية في مثل هذا الموسم من كل عام بالخارج، وبالتالي لا يملك تصوراً دقيقاً لطبيعة الصيف هنا، على اعتقاد أن طقسنا لا يختلف كثيراً عن مصيفه!
مثل تلك التبريرات تدخل ضمن دائرة الاستخفاف بعقلية المشتركين، فأي عقل يمكنه أن يتقبل تحميل شركة الكهرباء لرئاسة الأرصاد مسؤولية عدم تمرير بلاغ ارتفاع درجة الحرارة إلى الشركة، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن الرياض وجدة ومكة والطائف والدمام وحفر الباطن والقصيم وغيرها.؟!
أزمة الكهرباء في إدارته، لا بشح موارده كما يولول مسؤولوها. فهل يكفي الحديث عن 15 مليار ريال أقرتها الحكومة مؤخراً (قرضاً حسناً) لمعالجة الوضع المالي لقطاع الكهرباء، أم نتحدث عن القروض التي حصلت عليها شركة الكهرباء من البنوك المحلية والبالغة 22 مليار ريال، أم عن إصدارها لصكوك إسلامية بقيمة 19 مليار ريال. هل يريدون أن نفصّل في رفع تعرفة الكهرباء على القطاع التجاري مما يمنح الشركة إيرادات جديدة تزيد عن 3 مليارات ريال سنوياً أم يريدون أن نتجاوز كل ذلك بالحديث عن مصروفات الشركة وبذخها، بدلالة استئجار خمسة طوابق في برج الفيصلية كمقر، بحجة أنه يوفر بيئة عمل مناسبة كما يقول رئيسها التنفيذي؟!
أي بيئة عمل تلك التي ينقطع فيها الكهرباء عن نصف بلد الطاقة. ترى كيف سيكون عليه حال الكهرباء إذن لو كانت تُدار من عشيش الشمال بدلاً عنبرج الفيصلية؟!