لم تكن قضية المواطن هادي آل مطيف التي شغلت الرأي العام في منطقة نجران وتناولتها الأقلام وحكايات المجالس بمعزل عن مجسات التفاعل من أمير المنطقة مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، الذي عرف عنه سمو أخلاقه وميله لدعم ونشر العدالة في ربوع المنطقة، حيث تبنى حل مشكلة هذا المواطن الذي أودع السجن وهو في ريعان الصبا بسبب خطأ لفظي أجزم أنه لم يكن متعمداً، ولم يكن نتاج طفرة فكرية أو أيديولوجيا تربوية، ولا أود أن أخوض في تفاصيل الحكم الشرعي الذي صدر بحقه ولا الأسباب التي أدت إلى صدوره، والذي أدى لسجنه 18 عاماً قضاها وراء القضبان، ومات والده فزاده حزناً على حزن لعدم وقوفه مع المشيعين الذين واروا والده التراب.
امتدت اليد الرحيمة إليه لتنتشله من غياهب السجن ليصدر الأمر السامي الكريم من خادم الحرمين الشريفين لفتى شاء حظه أن تتعثر كلماته فيؤخذ عليه النطق بالعبارة حجة وأي حجة كانت؟
إنني فقط أنوه هنا بأن الرحمة من أهم مرتكزات الدين الإسلامي العظيم بعد أن غابت عن مسرح الأحداث في قضية السجين فلم تغب عن ملك وأمير شاء الرحمن الرحيم أن يتولى حكم منطقة نجران، التي تمور جموع سكانها وفاءً ومحبة وإجلالاً لخادم الحرمين الشريفين الذي فاقت مكارمه وعدالته ما سطره التاريخ لملوك وأباطرة حكموا الشعوب وتركوا لهم مجداً وسيرة حسنة هي قدوة ونبراساً ومصدراً مهماً للقيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
والثناء أيضاً مسطر لمفتى المملكة الذي كان حجر الزاوية في تطبيق عدالة الشريعة وإظهار الوجه الإنساني المتألق في سماحة الإسلام.
كم نحن في حاجة لإظهار ما يختزنه الدين الإسلامي من ينابيع الخير وسمو المعاني وشمولية الإحسان والرحمة والسماحة، وخاصة في هذا الزمن الذي يركز فيه المغرضون والفاسقون على الدين الإسلامي واتهامهم المسلمين بالقسوة والإرهاب والهمجية.
فالرحمة هي أهم دعائم الإسلام وهي من الصفات الإلهية (الرحمن الرحيم) أبعد هذا، هل نحتاج إلى من يدلنا على معالم الطريق؟
نحن في أمس الحاجة إلى إعادة تلك القيم في برامجنا وفي مناهجنا بل وفي سيرة حياتنا، فقيمنا وأخلاقياتنا ليست بمعزل عن ديننا، بل هي مكملة لمكارم الأخلاق، فنحن خير أمة أخرجت للناس.