كل المجتمعات تبحث عن التحضر والتطور وتتلمس مداخله وآلياته، ولا عتب حينما نجد أن الجهات المختصة بمتابعة الحوادث تتألم من زيادة وعظم الحوادث في طرقنا وشوارعنا، وتسعى جاهدة للبحث عن آلية للحد منها. ولقد سعد المجتمع بانبثاق نظام يتابع هذه المشكلة ويعالجها تحت مظلة ساهر، فهلل الجميع واحتفل بمقدم هذا النظام الذي أسس على السهر على سلامتنا وأمننا المروري، ولكن عند متابعة تطبيقه وجدناه قد أخفق كثيراً في مهمته، لكونه ركز على الجانب المادي فقط، ولاسيما أنه يعمل تحت قبضة شركة متخصصة بالدخل المادي لا لإجراء التجارب المرورية، وحتى لا يكون الكلام عنه مبالغاً فيه دعونا نتابعْ خطوات ساهر بشكل تدريجي. أولاً أن هذا النظام نظم سرعة الشوارع بطريقة خاطئة بعيدة عن العمل المهني، تُنبئ عن أنه يسعى للكسب المادي، فقد خفض السرعة العامة في الطرق السريعة إلى 100كلم/ساعة، وطرق الخدمة البعيدة عن السكان إلى 60، وأخذ يتسيد الأماكن المنخفضة ويتخفى حتى يصيد أكبر عدد ممكن، وغيب تنبيه الناس إلى السرعة المطلوبة في الشوارع العامة، فمن النادر أن تجد لوحة توضح السرعة، وعند وجودها تجد أن صاحب المركبة قد تجاوزها. كما يجد المتابع أن نظام ساهر تجاهل الأهم، فلم يحفل هذا النظام بالوقوف على الخطوط المخصصة للمشاة قبل الإشارات، أو محاسبة من يعكس المسارات والطرق أو يسير في الاتجاه الخاطئ عند فتح الإشارة، بحيث يتجه من أقصى الشمال إلى اليمين أو العكس، أو يقوم بقطع الإشارة، دون مراعاة للمخاطر.. كل ذلك وغيره لم يدخل في حسابات ساهر وكأنه لا يعنيه.
فلا عتب أن نجد أن هذا النظام غيب الأنظمة المعترف بها دولياً.. تلك التي نجد صوراً حية منها مطبقة في بلاد قريبة منا، فقياس السرعة يخضع أولاً للقياسات الدولية وتنظمه الجهات الإدارية المختصة، بحيث يعطي السائق المسرع مهلة تتناسب مع سرعته، مع الأخذ بالاعتبار أن بعض السائقين قد يتجاوز السرعة المحددة بدون إرادته، بحيث يتجاوز سيارة تسير أمامه ببطء، أو أنه قد يسهو قليلاً فتندفع سيارته أمتاراً عن السرعة المقررة، أو أن السيارة تندفع عند منخفض في الطريق.
ينبغي على الإدارة العامة للمرور القيام بتعديل نظام ساهر للمصلحة العامة، حتى لا يطال ضرره المواطنين المنتظمين ويتجاهل قاطعي الإشارات والمزعجين الآخرين والمفحطين الذين آذوا المجتمع وأزعجوه بحركاتهم البهلوانية في الشوارع العامرة بحركة الناس، أو بسبب أصوات العجلات المزعجة ليلاً، فهؤلاء أولى بالمتابعة، مع أخذ أسباب التحضر في قياسات السرعة والاستعانة بالمختصين لوضع القواعد العادلة التي تمنح المواطن مساحة من السرعة الملائمة، تتفق مع المعايير الدولية.