إذا أردنا فعلاً أن نثبت حق المرأة في ممارسة دورها الطبيعي في مجتمعنا، علينا أولاً أن نتخلص من الرأي المتشدد الذي يربط بين عمل المرأة وبين الفساد. فأصحاب هذا الرأي يتمسكون باعتقادين خاطئين وهما عدم أهلية المرأة وأن خروجها
إذا أردنا فعلاً أن نثبت حق المرأة في ممارسة دورها الطبيعي في مجتمعنا، علينا أولاً أن نتخلص من الرأي المتشدد الذي يربط بين عمل المرأة وبين الفساد. فأصحاب هذا الرأي يتمسكون باعتقادين خاطئين وهما عدم أهلية المرأة وأن خروجها إلى المجتمع يتطلب منها أن تبيع نفسها وتتنازل عن عفتها وحشمتها. لكن نسي هؤلاء أنه رغم التشدد ومحدودية الفرص، فإن دور النساء أصبح واقعاً ولا يمكن لمجتمعنا أن يسير بدونه. وبالتالي لابد من القول أعطوا المرأة فرصتها الكافية، وسوف تقوم بنفس الدور الذي تقوم به المرأة في بقية المجتمعات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
سوف أنقل لكم مشهداً بسيطاً له دلالة كافية على شخصية الفتاة السعودية ومقدرتها على الحوار حول قضايا أمتها دون أن يتعارض ذلك مع ثقافتها. سوف أنقل لكم ما سمعته وشاهدته من الفتيات اللائي حضرن الاجتماع الذي رتبته القنصلية الأمريكية في جدة مع السفير الأمريكي. وموضوع المناسبة كان ذا حساسية إذ يتناول مرور عام على خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وجهه للعالم الإسلامي، خاصة مع استمرار التحيز الأمريكي لإسرائيل وعدم تحقيق وعود السلام للفلسطينيين.
لا أريد أن أهمل المشاركة المتميزة لبقية الحضور من النساء والرجال ولكن أريد أن أسلط الضوء على جيل جديد.. متفتح درس في أرقى الجامعات الأمريكية.. واكتسب أساليب الحياة الحديثة. وبهذه الخلفية يشكلن خطاباً للرد على حجج الممانعين. فقد قمن بعمل تُحسب جميع مفرداته في عرف البعض من المحرمات (taboo) كالاختلاط والتحدث أمام الرجال والمشاركة والحوار معهم وكشف الوجه والتعليم في الخارج.
أول ما يلفت الانتباه نحو هذا الجيل هو المهارات التي اكتسبنها من التعليم في الجامعات الأمريكية. تتناول بناء الشخصية والثقة بالنفس والقدرة على التعبير والحوار والإقناع، لم يتعلمنها في مدارسنا ولا في جامعاتنا. فطرحن أمام السفير موقفهن المعبر عن نبض الشارع العربي بجرأة ووضوح. فأشرن إلى الجرائم الإسرائيلية والتناقض في السياسة الأمريكية، وتحدثن عن كثرة وعود السلام وتساءلن هل سيصبح السلام حلماً ينقلنه لأحفادهن! لكن أهم ما يلفت الانتباه وهو بيت القصيد مقدرتهن على التواصل والتعبير عن أفكارهن بدون تشنج ومن ثم المحافظة على روح الحوار والتسامح.. والتأكيد على التفاهم وحسن العلاقة مع أمريكا.
ترى هل سيغضب المتشددون من هذا الجيل ودوره الواعد في المجتمع.. هل سيكفرونهن ويصنفوهن بالعلمانية والليبرالية؟ قبل أن نسمع صوت المعارضين، علينا أن نؤكد بأن الجيل الجديد هو رهان المستقبل، ولابد أن نوفر له بيئة المشاركة ونوفر له الحماية لكي نطمئن على مستقبل بناتنا.