لا الدقائق المعدودة لمداخلتي على قناة العربية؛ ولا هذه المساحة، تكفي للحديث عن موضوع إعادة النظر في كيفية وعظ أبنائنا الطلاب في مدارسنا خاصة الصغار؛ وعظا يحقق التوازن في أساليب الترغيب والتخويف؛ ويبدو أن مداخلتي مع العربية الأربعاء الماضي عنتشييع جنازة طالب بالطابور الصباحي نتيجة اختصاري فيها؛ وجدها بعض المحرضين ممن لم يخافوا الله تعالى؛ فرصة للافتراء وتلفيق الكذب بإخراج كلامي من سياقه ومضمونه لأهداف تحريضية عدائية؛ فأبدلوا ما طالبت به وهو تعليمهم حبّ الله تعالى بعبارة أخرى تقوى الله بقصد الإساءة والإثارة الصفراء في أحد المواقع الإلكترونية؛ ثم هل يعقل لمسلم أن يدعو إلى عدم الخوف من الله تعالى والعياذ بالله؟! ولا أعلم هل كان حديثي باللغة التركية أم الهندية أو الصينية؛ لكي يتم فهمه بطريقة لا يقبلها العقل والمنطق فيؤخذ بعضه ويترك مجمله؛ واحتراما مني لرغبة بعض القراء خاصة من راسلوني يطلبون مني الإيضاح؛ أعيد تناول الموضوع.
من الطبيعي أنه لا يستقيم إيمان العبد إلا بالخوف من الله تعالى وحبّه ورجائه؛ فالخوف من الله تعالى من المسلمات؛ لكن حديثي كان عن كيفية التوجيه الديني في مدارسنا؛ وأكثرنا يعرف تركيزه على أساليب التخويف والترهيب ويهمل الترغيب واللين؛ وعلى ثقافة الموت ويتجاهل ثقافة الحياة؛ وأنه يغرس الخوف من غضب الله تعالى وعذابه؛ ويغفل غرس حبّه سبحانه بنعمه على عباده؛ ولهذا ينبغي أن نُعلم طلابنا حبّ الله تعالى؛ فهو ما أهملناه في توجيه أبنائنا؛ ولا نكتفي فقط بغرس الخوف من غضبه سبحانه؛ لتحقيق التوازن؛ كما أن الوعظ أساسه الرحمة لا القسوة؛ لقوله تعالىفبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ.
أما من يستدلون في الأخذ بأسلوب التخويف أنه من أساليب القرآن العظيم؛ فهو صحيح؛ لأن الناس ليسوا سواء؛ والقرآن يخاطب الجميع؛ ولكن هل تأمل هؤلاء من هم المخاطبون في آيات العذاب والتخويف؟! فمنها ما وجه للطغاة أمثال قوم لوط وثمود وعاد وفرعون وغيرهم؛ ومنها للكافرين والمشركين؛ ومنها للشهوانيين ممن يزيغ قلوبهم الشيطان عن دين الله؛ فاستحقوا ما يناسبهم من تخويف وقسوة؛ ولماذا أغفل هؤلاء الآيات التي خاطبت المؤمنين برحمة من الله وحبه لعباده وفضله عليهم؟! ثم إن كان لا بد من التخويف مراعاة للفروق الفردية بين أبنائنا؛ فلماذا التركيز عليه دون الترغيب واللين المناسب لمرحلة النمو والتكوين النفسي والجسمي الذي يحتاجونه؟! ولنا في رسول الله الكريم أسوة حسنة في تعامله الرقيق والرحيم مع أحفاده وبناته وأبناء المسلمين.
أعود وأقول على التربويين بجانب تعزيزهم الخوف من غضب الله تعالى وعذابه؛ أن يغرسوا حبه سبحانه وفضله على عباده بالنعم؛ فبذلك يستشعر أبناؤنا عظمته والحياء منه والخوف من غضبه في قلوبهم؛ وكلما زاد العبد حبّا لله تقرب إليه بالطاعة؛ كلما ازداد خوفا منه في ظهر الغيب ابتعد عن المعاصي؛ وكما قال تعالىقُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهْ.
للأسف؛ المساحة لا تكفي؛ وسأترككم برفقة البروفسور طارق حبيب المستشار النفسي؛ على هذا الرابط؛ وحديثه الممتع عن حبّ الله تعالى.
http://www.youtube.com/watch?v=weD6oW5Z68M