دعونا نضع أيدينا مع الدولة لمعالجة قضية البطالة، وكفانا حججا ومبررات فجميعها لم يعد لها مكان للتمسك بها.. دعونا نواجه القضية من منظور وطني وليس من منظور تجاري واقتصادي فقط
في الأسبوع الماضي تشرفت بحضور لقاء خاص مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية ومجموعة من أعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة برئاسة الشيخ صالح كامل رئيس مجلس الغرف ورئيس غرفة جدة استمعت وزملائي إلى كلمة سمو الأمير نايف التي تضاعف فخرنا واعتزازنا بقيادتنا الواعية الحكيمة الملمة بمجريات الأمور على مختلف مستوياتها المحلية والدولية حيث تأكد لنا اعتقادنا القديم الحديث بأن هم قيادتنا الأكبر هو رعاية الشعب السعودي وضمان حقوقه وحمايته وممتلكاته وسلامة فكره وعقيدته من الفكر الضال الهدام. لقد أكد سمو الأمير نايف أن القيادة بأكملها في خدمة الشعب السعودي والإسلامي والمسلمين وأن حرص القيادة الكبير على شعب هذا الوطن ينبثق من ديننا الإسلامي ومن المبادئ الأساسية التي وضعها المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه لأبنائه الملوك والأمراء لحكم هذا الشعب في هذا الوطن. لقد استمعنا خلال ساعة من الزمن إلى أحد رموز القيادة السعودية النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز أوضح فيها جميع النقاط التي كانت تدور في أذهاننا كرجال أعمال في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإسلامية والتعليمية والصحية وكان سموه شفافاً صريحاً واضحاً متسلسل الفكر محللاً بامتياز للأحداث المحلية والدولية موضحاً نقاط الضعف والقوة في بعض السياسات والخطط لبلادنا موضحاً دور الدولة، ودور القطاع الخاص والأهلي، وجدته وزيراً للخارجية عندما يتحدث عن بعض المواضيع السياسية، ووزيراً للصحة عندما يتحدث عن الصحة، ووزيراً للشؤون الاجتماعية عندما يتحدث عن البعد الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية في العمل، ووزيراً للتعليم عندما يتطرق حديثه عن التعليم، ووزيراً للداخلية عندما يتحدث بإسهاب عن الأمن الداخلي وحماية المواطن والمقيم من الإرهاب والفكر الضال وحرب المخدرات وتخفيض نسب البطالة.
لقد أكد سموه على قلقه وحرصه واستعداده لمواجهة ثلاث قضايا أساسية تواجه المجتمع السعودي وهي قضية الإرهاب وقضية انتشار المخدرات وقضية البطالة وهي قضايا تهم الوطن والمواطنين جميعهم وهي مسؤولية الجميع تتطلب تضافر الجهود لمعالجتها والقضاء عليها. فالإرهاب الذي خرج من رحم الفكر الضال يتطلب منا جميعاً التعاون مع رجال التعليم والعلماء والمفكرين في مواجهة هذا الفكر وتصحيح مفاهيمه. وحرب المخدرات هي حرب لها أهداف عديدة يهاجمنا بها أعداؤنا من الخارج ومن أهدافهم السياسية هي تشتيت فكر الشعب وهدم آماله وطموحاته وإفقاده التميز والإبداع لتصبح بعض فئات المجتمع عاطلة ومعطلة القدرات للعمل والإنتاج وتتجه للخروج عن الدين والنظم القانونية والعرف والعادات والتقاليد، أما أهدافها الاقتصادية فهي التربح من تجارة المخدرات في الأسواق الغنية مثل أسواق دول الخليج، ورغم جهود رجال الجمارك والأمن المخلصين في محاربة تجارة المخدرات إلا أن المخدرات أصبحت قضية وسط المجتمع السعودي اقتحمت بعض منازلنا وهدمت بعض الأسر ووصلت إلى الأبناء من الأطفال ذكورا وإناثا وهي قضية تتطلب حملة وطنية من جميع أفراد الشعب لمعالجتها ومكافحتها ووقف تدفقها لأسواقنا.
اما القضية الثالثة التي أكد على أهمتيها سمو الأمير نايف فهي قضية البطالة حيث أصبحت نسب البطالة في العمالة السعودية ذكورا وإناثا أحد الهواجس المهمة لدى قيادتنا الحكيمة ولدى سمو الأمير نايف بصفة خاصة فهو راعي التشغيل والتأهيل للعمل منذ ربع قرن وهو رئيس أول مجلس للقوى العاملة يُعنى بقضية تأهيل وتشغيل القوى العاملة السعودية. ورغم الجهود الجبارة التي بذلها الوزير المتميز الدكتور غازي القصيبي -شافاه وعافاه الله- وزملاؤه في وزارة العمل إلا أن القضية قائمة ومتطورة ورغم أنني سبق وأن كتبت وأوضحت بأن الأرقام والنسب لم تصل إلى حد الخطر إلا أنها على أبوابه وإذا لم تعالج سريعاً ستتطور وتصل إلى الخطوط الحمراء التي تهدد أمن واستقرار الوطن وهي قضية نحن ساهمنا فيها وأقصد بنحن (القطاع الخاص والأهلي) وأنا واحد منهم وليسمح لي زملائي قي القطاع الخاص بجلد الذات بكلمات عتاب.. نعم نحن في القطاع الخاص ساهمنا ومازلنا نساهم في زيادة نسب البطالة لدى السعوديين بحجج وضعناها لتبرئة مسؤوليتنا من البطالة وهي أعذار في الحقيقة لم تعد مقبولة وإذا أردنا فعلاً معالجة الموضوع جدياً فهناك طرق ووسائل عديدة.
لقد أصبحت العمالة السعودية قادرة على تحمل مسؤولية العمل بعد أن تعلمت وتدربت وتأهلت للعمل، ولم يبق لها سوى إتاحة الفرصة لها لكسب مهارات العمل وبناء الخبرة والجودة في العمل، ولقد أثبتت بعض الشركات والبنوك جديتها ونجحت في تأهيل الشباب السعودي للعمل.
وأخشى ما أخشاه لو استمروا في سياستهم الرافضة لعمل السعوديين ووضع العراقيل لتشغيلهم وعدم تهيئة الأجواء المناسبة للعمل أخشى أن تتدخل الدولة قسراً بقرارات لم نكن نرغب تدخلها فيها بهذا الأسلوب. لأن القضية ليست قضية عرض وطلب أو عدم وجود الكفاءات وإنما القضية هي قضية موازنة وإعادة هيكلة تركيبة العمالة بالمملكة والبطالة في الحقيقة هي بطالة هيكلية، أي أن الوظائف موجودة وبأعداد كبيرة جداً لكنها مشغولة بعمالة أجنبية وإذا أردنا أن نعالج البطالة فالفرصة قائمة عن طريق الإحلال بالكفاءات المؤهلة المدربة. وإنما يخشى أن تتحول القضية إلى قضية أمنية يتجه فيها العاطلون عن العمل إلى ارتكاب أعمال إرهابية أو جنائية أو اجتماعية، وأخشى أن يؤثر ذلك على أمن وطننا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأخشى أن تتوسع الفجوة بين العمالة المتعطلة عن العمل وبين القطاع الخاص وعندها ستكون المواجهة السلبية التي لا نرغب أن نراها.
لقد قدمت الدولة كثيراً وهي ليست مجاملة لأجهزة الدولة لكنها حقيقة وأكبر مثال على ذلك هو إنشاء صندوق تنمية الموارد البشرية لمساعدة القطاع الخاص في توطين العمالة السعودية المؤهلة من خلال تدريبها وتحمل تكلفة التدريب وتحمل نصف رواتبها لفترة التدريب على رأس العمل.
هي رسالة أوجهها لزملائي في القطاع الخاص، دعونا نضع أيدينا مع الدولة لمعالجة قضية البطالة، وكفانا حججا ومبررات فجميعها لم يعد لها مكان للتمسك بها. دعونا نستفد من التجارب الناجحة في القطاع الخاص ونقتدي بها دعونا نواجه القضية من منظور وطني وليس من منظور تجاري واقتصادي فقط. إنها قضية وطن ولم تعد قضية ربحية شركة أو مؤسسة.
إن رسالتي اليوم هي رسالة تحذيرية وليست استجدائية لأن عنف العاطلين عن العمل سيؤثر علينا جميعاً وعلى القطاع الخاص في الدرجة الأولى.